باب فى الحيض واحكامه

باب الحيض
(
ويمنع الحيض عشرة أشياء : فعل الصلاة ، ووجوبها) ، لقوله عليه السلام : إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة متفق عليه ، وقالت عائشة رضي الله عنها : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. متفق عليه ، ولو كانت واجبة لأمر بقضائها .
119
ـ مسألة : (وفعل الصيام) ولا يسقط وجوبه لحديث عائشة رضي الله عنها ، وقال صلى الله عليه وسلم : أليس إحداكن إذا حاضت لم تصم ولم تصل قلن بلى . رواه البخاري ، .
120
ـ مسألة : (والطواف) بالبيت ، لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة : إذا حضت فافعلى ما يفعل الحاج ، غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري متفق عليه .
121
ـ مسألة : (وقراءة القرآن)، لقوله عليه السلام : لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن رواه أبو داود .
122
ـ مسألة : (ومس المصحف)، لقوله سبحانه : لا يمسه إلا المطهرون 'سورة الواقعة ، الآية : 79 ' .
123
ـ مسألة : (واللبث في المسجد)، لقوله عليه السلام : لا أحل المسجد لحائض رواه أبو داود ، .
124
ـ مسألة : (والوطء في الفرج) لقوله سبحانه : فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ' سورة البقرة ، الآية : 222 ' ، ولقوله عليه السلام : اصنعوا كل شئ إلا النكاح رواه أبو داود ، .
125
ـ مسألة : (وسنة الطلاق) لأن ابن عمر لما طلق امرأته وهي حائض أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجعة حتى تطهر . ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك . (رواه البخاري ، (الحديث 4953) .
126
ـ مسألة : (والاعتداد بالأشهر) ، لأنها إذا صارت ممن تحيض اعتدت بالحيض لقوله سبحانه : يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء 'سورة البقرة ، الآية : 228 ' .
127
ـ مسألة : (ويوجب الغسل)، لقوله عليه السلام : دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي متفق عليه .
128
ـ مسألة : (والبلوغ) يعني يثبت به البلوغ ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار أوجب عليها السترة بوجود الحيض ، فدل على أن التكليف حصل به ، وإنما يحصل ذلك بالبلوغ .
129
ـ مسألة : (والاعتداد به) يعني إذا وجد اعتدت به ، لقوله سبحانه : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ' سورة البقرة ، الآية : 228 ' ، وقبل أن تحيض كانت تعتد بالشهور لقوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن 'سورة الطلاق ، الآية : 4 ' .
130
ـ مسألة : (فإذا انقطع الدم أبيح فعل الصوم) للحائض كما يباح للجنب .
131
ـ مسألة : (ويباح الطلاق) إذا انقطع الدم ، لأنه إنما حرم طلاق الحائض وهذه طاهر .
132
ـ مسألة : (ولا يباح سائرها حتى تغتسل)، أما الصلاة فلا تباح لها لقيام الحدث بها وكذا الطواف لأنه صلاة ، ولا يباح لها قراءة القرآن ولا مس المصحف ولا اللبث في المسجد لقيام الحدث الأكبر بها ولما سبق في أول الباب . ولا يباح الوطء في الفرج ، لأن الله سبحانه أباحه بشرطين انقطاع الدم والغسل بقوله سبحانه : ولا تقربوهن حتى يطهرن ' سورة البقرة ، الآية : 222'، معناه حين ينقطع دمهن ، ثم قال : فإذا تطهرن ' سورة البقرة ، الآية 222 ' ، معناه اغتسلن فاتوهن ' سورة البقرة ، الآية 222 ' . مسألة : وأما منع الاعتداد بالأشهر فباق ، لأنها صارت ممن تحيض فعدتها الحيض .
133
ـ مسألة : (ويجوز الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج) كالقبلة ونحوها لما روي أن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض متفق عليه ، و قال عليه السلام : اصنعوا كل شئ إلا النكاح .
134
ـ مسألة : (وأقل الحيض يوم وليلة ، وأكثره خمسة عشر يوماً)، لأن الشارع علق على الحيض أحكاماً ولم يبين أقله وأكثره فعلم أنه رد ذلك إلى العرف والعرف شاهد بذلك ، قال عطاء : رأينا من تحيض يوماً ورأينا من تحيض خمسة عشر يوماً . وحكي ذلك عن غيره .
135
ـ مسألة : (وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً) لما روى عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن امرأة ادعت انقضاء عدتها في شهر فقال لشريح : قل فيها . قال : إن جاءت ببطانة من أهلها يشهدون أنها حاضت في شهر ثلاث مرات تترك الصلاة فيها وإلا فهي كاذبة ، فقال علي : قالون . يعني جيد بلسان الروم . وهذا اتفاق منهما على إمكان ثلاث حيضات في شهر ، ولا يمكن إلا بما ذكرنا من أقل الطهر ويكون أقل الحيض يوماً وليلة ، وعنه أقله خمسة عشر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي .
136
ـ مسألة : (وليس لأكثره حد) لأنه لا نص فيه ولا نعلم له دليلاً .
137
ـ مسألة : (وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين) فإذا رأت قبل ذلك دماً فليس بحيض ولا تتعلق به أحكامه لأنه لم يثبت في الجود لامرأة حيض قبل ذلك ، وقد روي عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت : إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة .
138
ـ مسألة : (وأكثره ستون) سنة ، لأنها إذا بلغت ذلك يئست من الحيض لأنه لم يوجد بمثلها حيض معتاد ، فإن رأت دماً فهو دم فساد . مسألة : وعنه أن أكثره خمسون سنة ، فإن رأت دماً بعد الخمسين ففيه روايتان : إحداهما هو دم فساد أيضاً ، لأن عائشة قالت : إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض ، والثانية إن تكرر بها الدم فهو حيض وهذه أصح لأن ذلك قد وجد فروي أن هنداً بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة ولدت موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي رضي الله عنه ولها ستون سنة . ذكره الزبير بن بكار في كتاب النسب وقال : لا تلد لخمسين إلا عربية ، ولا تلد لستين إلا قرشية . وعنه أن نساء العجم ييئسن في خمسين سنة ، ونساء العرب إلى ستين لأنهن أقوى جبلة .
139
ـ مسألة : (والمبتدأة إذا رأت الدم لوقت تحيض لمثله جلست) يعني تركت الصلاة .
140
ـ مسألة : (فإن انقطع لأقل من يوم وليلة فليس بحيض ) ويكون دم فساد ، ( وإن جاوز ذلك ولم يعبر أكثر الحيض فهو حيض) . لأنه دم يصلح أن يكون حيضاً فتجلسه كاليوم والليلة ، ( فإذا تكرر ثلاثة أشهر بمعنى واحد صار عادة ) لتكراره في الأشهر الثلاثة ، لأن العادة من المعاودة ، وعنه إذا زاد على يوم وليلة روايات أربع : إحداهن هذه المذكورة ، والثانية تغتسل عقيب اليوم والليلة وتصلي لأن العبادة واجبة بيقين ، وما زاد على أقل الحيض مشكوك فيه فلا تسقطها بالشك ، فإن انقطع دمها ولم يعبر أكثر الحيض اغتسلت غسلاً ثانياً ثم تفعل ذلك في شهر آخر ، وعنه في شهرين آخرين ، فإن كان في الأشهر كلها مدته واحدة علمت أن ذلك حيضها فانتقلت إليه وعملت عليه وأعادت ما صامته من الفرض لأنا تبينا أنها صامتة في حيضها ، والثالثة تجلس ستاً أو سبعاً لأنه غالب حيض النساء . ثم تغتسل وتصلي ، والرابعة تجلس عادة نسائها لأن الغالب أنها تشبههن في ذلك .
141
ـ مسألة : (وإن عبر) يعني زاد على (أكثر الحيض فالزائد استحاضة ، وعليها أن تغتسل عند آخر الحيض) لأن الحائض إذا طهرت وجب عليها الغسل ، لقوله سبحانه وتعالى : فإذا تطهرن فاتوهن 'سورة البقرة ، الآية : 222 ' .
142
ـ مسألة : والمستحاضة في حكم الطاهرات في وجوب العبادة وفعلها ، فإذا أرادت الصلاة غسلت فرجها وما أصابها من الدم حتى إذا استنقت عصبت فرجها واستوثقت بالشد والتلجم ، وهو أن تستثفر بخرقة مشقوقة الطرفين تشدهما على جنبيها ووسطها على الفرج وهو قوله عليه السلام في حديث أم سلمة : لتستثفر بثوب وقال لحمنة : تلجمي . (ثم تتوضأ لوقت كل صلاة وتصلي) كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحمنة بنت جحش حين شكت إليه كثرة الدم : أنعت لك الكرسف يعني به القطن تحشي به المكان ، قالت : إنه أشد من ذلك ، قال : تلجمي . وفي حديث أم سلمة أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فإذا هي خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصل رواه أبو داود ، .
(
ومن به سلس البول في معنى الاستحاضة) ولا فرق بينهما .
143
ـ مسألة : (فإذا استمر بها الدم في الشهر الآخر فإن كانت معتادة فحيضها أيام عادتها) لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي متفق عليه .
144
ـ مسألة : (وإن لم تكن معتادة وكان لها تمييز - وهو أن يكون بعض دمها أسود ثخيناً وبعضه أحمر رقيقاً - فحيضها زمن الأسود الثخين) لما روي أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت : يا رسول الله إني أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ قال : إن ذلك عرق وليس بالحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي متفق عليه ، يعني بإقباله سواده ونتنه ، وبإدباره رقته وحمرته ، وفي لفظ قال لها : إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي ، إنما ذلك عرق رواه النسائي ، ولأنه خارج من الفرج موجب للغسل فيرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمذي والمني .
145
ـ مسألة : (وإن كانت مبتدأة أو ناسية لعادتها ولا تتميز لها فحيضها من كل شهر ستة أيام أو سبعة ، لأنه غالب عادات النساء ) ، وعنه تجلس عادة نسائها لأن الظاهر أنها تشبههن في ذلك ، وعنه أقله ، لأنه اليقين ، وعنه أكثره يصلح أن يكون حيضاً .
146
ـ مسألة : (والحامل لا تحيض) ، لقوله عليه السلام في سبايا أوطاس : لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تستبرئ بحيضة فجعل وجود الحيض علماً على براءة الرحم ، ولو كان يجتمع معه لم يكن وجوده علماً على عدمه .
147
ـ مسألة : (إلا أن ترى الدم قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة فيكون دم نفاس) لأنه دم سببه الولادة فكان نفاساً كالخارج بعد الولادة ، والله أعلم

ليست هناك تعليقات: