باب فى نواقض الوضوء

باب نواقض الوضوء
96
ـ مسألة : (وهي سبعة) : أحدها : الخارج من السبيلين قليلاً كان أو كثيراً ، وهو نوعان : معتاد كالبول والغائط فينقض بغير خلاف قاله ابن عبد البر ، قال الله سبحانه : أو جاء أحد منكم من الغائط 'سورة النساء، الآية :43' ، والثاني : نادر كالدود والشعر والحصى فينقض لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة : توضئي لكل صلاة رواه أبو داود ، ودمها غير معتاد ولأنه خارج من السبيلين أشبه المعتاد .
(
الثاني خروج النجاسات من سائر البدن) وذلك نوعان : غائط وبول فينقض قليله وكثيره لدخوله في عموم النص المذكور، والثاني دم وقيح فينقض كثيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة : إنه دم عرق فتوضئي لكل صلاة رواه الترمذي ، علل بكونه دم عرق وهذا كذلك ، ولأنها نجاسة خارجة من البدن أشبهت الخارج من السبيل ، ولا ينقض يسيره ، لقول ابن عباس في الدم : إذا كان فاحشاً فعليه الإعادة ، قال أحمد : عدة من الصحابة تكلموا فيه : ابن عمر عصر بثرة فخرج دم فصلى ولم يتوضأ ، وابن أبي أوفى عصر دملاً ، وابن عباس قال : إذا كان فاحشاً ، وابن المسيب أدخل أصابعه العشر أنفه فأخرجها ملطخة بالدم وهو في الصلاة ولم يعرف لهم مخالف فكان إجماعاً .
(
الثالث زوال العقل) وهو نوعان : أحدهما النوم لقوله عليه السلام : العينان وكاء السه ، فمن نام فليتوضأ : لكن من بول وغائط ونوم ، ولأن النوم هو مظنة الحدث فقام مقامه كسائر المظنات ، ولا يخلو من أربعة أحوال : أحدهما أن يكون مضطجعاً أو متكئاً أو معتمداً على شئ فينقض قليله وكثيره للخبر ، وعنه في المسند : والمحتبى إذا كثر . فمفهومه أنه لا ينقض اليسير ذكرها القاضي في الوجهين . والثاني أن يكون جالساً غير معتمد على شئ فلا ينقض قليله لما روى أنس ابن مالك : أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ينتظرون العشاء فينامون قعوداً ثم يصلون ولا يتوضأون رواه مسلم ، ولأنه يشق التحرز منه وأكثر وجوده في منتظري الصلاة فعفي عنه ، وإن كثر نقض لأنه لا يعلم بالخارج مع استثقاله ويمكن التحرز منه . الثالث القائم فيه روايتان : أولاهما إلحاقه بحالة الجلوس لأنه في معناه . والثانية ينقض يسيره لأنه لا يتحفظ تحفظ الجالس . الرابع الراكع والساجد فيه روايتان : أولاهما أنه كالمضطجع ، والثانية أنه كالجالس ، لأنه على حال من أحوال الصلاة أشبه الجالس . والمرجع في اليسير والكثير إلى العرف والعادة . النوع الثاني زوال العقل بجنون أو إغماء أو سكر فينقض الوضوء لأنه لما نص على النقض بالنوم نبه على نقضه بهذه الأشياء ، لأنها أبلغ في إزالة العقل . ولا فرق بين الجالس وغيره والقليل والكثير ، لأن صاحب هذه الأمور لا يحس بحال بخلاف النائم فإنه إذا نبه انتبه .
(
الرابع لمس الذكر بيده) وفيه ثلاث روايات إحداهن لا ينقض لما روى قيس بن طلق عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس فرجه وهو في الصلاة قال : وهل هو إلا بضعة منك رواه أبو داود ، والثانية ينقض لما روت بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من مس ذكره فليتوضأ قال أحمد هو حديث صحيح ، وروى أبو هريرة نحوه وهو متأخر عن حديث طلق ، لأن في حديث طلق أنه قدم وهم يؤسسون المسجد وأبو هريرة قدم حين فتحت خيبر فيكون ناسخاً له ، وسواء مسه ببطن الكف أو بظهره ، ولأن أبا هريرة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينهما ستر فليتوضأ رواه أحمد في مسنده 4332 واليد المطلقة تتناول اليد إلى الكوع لأنه لما قال : فاقطعوا أيديهما 'سورة المائدة، الآية : 38في حق السارق تناول ذلك لا غير .
97
ـ مسألة : ولا ينقض اللمس بالذراع لأنه ليس من اليد ، الرواية الثالثة إن قصد إلى مسه نقض ، ولا ينقض من غير قصد لأنه لمس فلم ينقض من غير قصد كلمس النساء .
(
الخامس أن تمس بشرته بشرة أنثى) وفيه ثلاث روايات : إحداهن ينقض بكل حال لقوله سبحانه : أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا 'سورة المائدة، الآية : 6'، والثانية لا ينقض بحال روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل عائشة ثم صلى ولم يتوضأ رواه أبو داود ، ولأنه يرويه إبراهيم النخعي عن عائشة ولم يسمع منها ، وقالت عائشة : فقدت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أطلبه فوقعت يدي على قدميه وهو ساجد رواه مسلم ولو بطل وضوؤه لفسدت صلاته . والرواية الثالثة وهي ظاهر المذهب أنه ينقض إذا كان (لشهوة) ولا ينقض لغير شهوة جمعاً بين الآية والخبر ، ولأن اللمس ليس بحدث إنما هو داع إلى الحدث فاعتبرت الحالة التي يدعو فيها إلى الحدث كالنوم ولا فرق بين الصغيرة والكبيرة وذات المحرم وغيرها لعموم الدليل فيه .
(
السادس الردة عن الإسلام) وهو أن ينطق بكلمة الكفر أو يعتقدها أو يشك شكاً يخرجه عن الإسلام فينتقض وضوؤه لقول الله عز وجل : لئن أشركت ليحبطن عملك 'سورة الزمر، الآية :65 ' والطهارة عمل ، ولأن الردة حدث لقول ابن عباس : الحدث حدثان وأشدهما حدث اللسان ، فيدخل في عموم قوله عليه السلام : لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ متفق عليه . ولأنها طهارة عن حدث فأبطلتها الردة كالتيمم .
(
السابع أكل لحم الجزور) لما روى جابر بن سمرة أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال :إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ. قال : أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم توضأ من لحوم الإبل رواه مسلم ، قال أحمد : حديثان صحيحان عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث البراء بن عازب وحديث جابر بن سمرة .
98
ـ مسألة : (ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث ، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تيقن منهما) لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه هل خرج منه شئ أم لم يخرج فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً متفق عليه ، ولأن اليقين لا يزول بالشك

ليست هناك تعليقات: