باب ما جاء فى رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام

باب ما جاء في رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ( صحيح ) عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي ) . ( صحيح ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتصور أو قال : لا يتشبه بي ) . - عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صحيح ) ( من رآني في المنام فقد رآني ) . قال أبو عيسى : وأبو مالك هذا هو سعد بن طارق بن أشيم وطارق بن أشيم هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث . ( صحيح ) أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثلني ) . قال أبي : فحدثت به ابن عباس فقلت : قد رأيته فذكرت الحسن بن علي فقلت : شبهته به . فقال ابن عباس : إنه كان يشبهه . ( حسن ) عن يزيد الفارسي وكان يكتب المصاحف قال : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام زمن ابن عباس فقلت لابن عباس : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم . فقال ابن عباس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ( إن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي فمن رآني في النوم فقد رآني ) . هل تستطيع أن تنعت هذا الرجل الذي رأيته في النوم ؟ قال : نعم أنعت لك رجلا بين الرجلين جسمه ولحمه أسمر إلى البياض أكحل العينين حسن الضحك جميل دوائر الوجه [ قد ] ملأت لحيته ما بين هذه إلى هذه قد ملأت نحره . قال عوف : ولا أدري ما كان مع هذا النعت فقال ابن عباس : لو رأيته في اليقظة ما استطعت أن تنعته فوق هذا ) ( صحيح ) قال أبو قتادة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من رآني يعني في النوم فقد رأى الحق ) . ( صحيح ) عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتخيل بي ) . ( صحيح ) وقال : ( ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ) . ( صحيح ) قال عبد الله بن المبارك : ( إذا ابتليت بالقضاء فعليك بالأثر ) . ( صحيح ) عن ابن سيرين قال : ( هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ) . انتهى اختصار كتاب الشمائل المحمدية للإمام الترمذي مع التعليق عليه يوم الخميس في ربيع الأول سنة ه وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وانتهى مقابلته بالأصل وتصحيحه عليه وإعداده للطبع ضحوة يوم الأحد رجب سنة ه والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات عمان الأردن محمد ناصر الدين الألباني

جزء من سيرة الصحابى الجليل ابوبكر الصديق

ابوبكر الصديق هو عبد الله بن أبي قحافة، من قبيلة قريش، ولد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاث سنيـن ، أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه كان يعمل بالتجارة ومـن أغنياء مكـة المعروفين ، وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريـش بها وبما كان فيها من خير وشـر وكان ذا خلق ومعروف يأتونه الرجال ويألفونـه اعتنـق الاسلام دون تردد فهو أول من أسلم من الرجال الأحرار ثم أخذ يدعو لدين اللـه فاستجاب له عدد من قريش من بينهم عثمـان بن عفـان ، والزبيـر بن العـوام ، وعبدالرحمـن بن عـوف ، والأرقـم ابن أبي الأرقـم . إسلامه لقي أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( أحق ما تقول قريش يا محمد من تركِكَ آلهتنا ، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءَنا ؟ ) فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " إني رسول الله يا أبا بكر ، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك الى الله بالحق ، فوالله إنه للحق أدعوك الى الله يا أبا بكر ، وحده لا شريك له ، ولا نعبد غيره ، و الموالاة على طاعته أهل طاعته " وقرأ عليه القرآن فلم ينكر ، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد ، و أقر بحق الإسلام ورجع أبو بكر وهو مؤمن مصدق . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كبوة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عتم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه " قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه : ( ان كل نبي أعطى سبعة نقباء وان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى أربعة عشر نقيبا نجيبا انا وابني الحسن والحسين وحمزة وجعفر وأبو بكر وعمر وابن مسعود وحذيفة وأبو ذر والمقداد وسلمان وعمار وبلال رضى الله تعالى عنهم ) أول خطيب عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلا ، ألح أبو بكر على الرسول صلى الله عليه وسلم في الظهور فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر إنا قليل " فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم وتفرق المسلمون في نواحي المسجد ، وكل رجل معه ، وقام أبو بكر خطيبا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، وكان أول خطيب دعا الى الله عز وجل والى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوهم ضربا شديدا ، ووطىء أبو بكر ودنا منه عتبة بن ربيعة ، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ، وأثر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه ، وجاء بنو تيم تتعادى ، فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته ، ورجعوا بيوتهم و قالوا : والله لئن مات أبو بكـر لنقتلـن عتبة .. ورجعوا الى أبي بكر وأخذوا يكلمونـه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال : ( ما فعـل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟ ) فنالوه بألسنتهم وقاموا ولما خلت أم الخير ( والـدة أبي بكر ) به جعـل يقول : ( ما فعل رسول الله صلـى اللـه عليه وسلم ؟ ) قالت : والله ما لي علم بصاحبك قال : ( فاذهبي الى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه ) فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟ قالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك الى ابنك فعلت . قالت : نعم ... فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت : إن قوما نالوا منك هذا لأهل فسق ، وإني لأرجو أن ينتقـم اللـه لك . قال : فما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟ قالت : هذه أمك تسمع ؟ قال : ( فلا عين عليك منها ) قالت : سالم صالح قال : ( فأين هو ؟ ) قالت : ( في دار الأرقم ) قال : ( فإن لله علي ألِية ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، فأمهلتاه حتى إذا هدأت الرِجل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكب عليه يقبله وانكب عليه المسلمون ورق رسول الله فقال أبو بكر : ( بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي برة بوالديها ، وأنت مبارك فادعها الى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار ) فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلمة ثم دعاها الى الله عز وجل ، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهرا . جهاده بماله أنفق أبوبكر رضي الله عنه معظم ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش ، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس .. فنزل فيه قوله تعالى : (( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى )) منزلته من الرسول كان رضي الله عنه من أقرب الناس الى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعظمهم منزلة عنده حتى قال فيه : " ان من أمن الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الاسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر " كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن أبا بكر أرحم الأمة للأمة ، وأنه أول من يدخل معه الجنة فقد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : " أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي " وأنه صاحبه على الحوض فقد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم " أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار " كما أن أبو بكر الصديق رضي الله عنه هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيـم الإفتخـار بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصاهرته له وفي ذلك يقول : ( والذي نفسي بيـده لقرابة رسـول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن أصل قرابتي ) سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ‏أي الناس أحب إليك قال ‏عائشة ‏ ‏فقلت من الرجال فقال أبوها " ‏عن عمرو بن العاص ‏ ‏رضي الله عنه ‏ أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت ‏ أي الناس أحب إليك قال ‏ ‏" " عائشة ‏ ‏" فقلت من الرجال فقال " أبوها " قلت ثم من قال " ثم ‏عمر بن الخطاب ‏فعد رجالا ‏ " الصديق والإسراء والمعراج حينما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة الى بيت المقدس ذهب الناس الى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا له : هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة فقال لهم أبو بكر رضي الله عنه : ( إنكم تكذبون عليه ) فقالوا : بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس فقال أبو بكر رضي الله عنه : ( والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ! فهذا أبعد مما تعجبون منه ) ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ ) قال : " نعم " قال : ( يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فرفع لي حتى نظرت إليه " فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر رضي الله عنه .. ويقول أبو بكر : ( صدقت ، أشهد أنك رسول الله ) حتى إذا انتهى قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : " وأنت يا أبا بكر الصديق " فيومئذ سماه الصديق . الصحبة ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة الى المدينةالمنورة ، فقال تعالى : (( ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )) كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال له الرسول : " لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً " فطمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول صلى الله عليه وسلم بيت أبي بكر رضي الله عنه بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال : ( ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث ) فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر رضي الله عنه إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أخرج عني من عندك " فقال أبو بكر رضي الله عنه : ( يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي ) فقال : " إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة " فقال أبو بكر رضي الله عنه : ( الصحبة يا رسول الله ؟ ) قال : " الصحبة " تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : ( فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ) ثم قال أبو بكر رضي الله عنه : ( يا نبي الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا ) فاستأجرا عبد الله بن أرقط ، وكان مشركا يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، وأثناء السير كان أبو بكر شديد الحراسة لرسول الله صلى الله علبه وسلم ، يمشى ساعة بين يديه، وساعة خلفه، ففطن رسول الله صلى الله علبه وسلم لتغيير أبي بكر رضي الله عنه لمواقعه في أثناء المسيرة المباركة، فقال له : " يا أبا بكر، مالك تمشي ساعة خلفي وساعة بين يدي؟! " فقال : ( يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك ) فقال صلى الله علبه وسلم : "يا أبا بكر لو كان شىء لأحببت أن يكون بك دوني؟ " قال: ( نعم والذي بعثك بالحق )

باب فى احكام الرباء

وهو في اللغة الزيادة ، قال الله سبحانه وتعالى : فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وقال سبحانه وتعالى : أن تكون أمة هي أربى من أمة أي أكثر عدداً ، ويقال : أربى فلان على فلان إذا زاد عليه . وهو في الشرع الزيادة في أشياء مخصوصة ، وهو محرم بقوله سبحانه : وحرم الربا ، وقال عليه السلام : اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ، وقال عليه الصلاة والسلام : لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه متفق عليهما . وأجمعت الأمة على أن الربا محرم . والأعيان المنصوصة على الربا فيها ستة وهي (في حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الذهب بالذهب مثلاً بمثل ، والفضة بالفضة مثلاً بمثل ، والتمر بالتمر مثلاً بمثل ، والبر بالبر مثلاً بمثل ، والشعير بالشعير مثلاً بمثل ، والملح بالملح مثلاً بمثل . فمن زاد أو ازداد فقد أربى ، بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يداً بيد وبيعواً البر بالشعير كيف شئتم يداً بيد رواه مسلم . 709 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع مطعوم - مكيل أو موزون - بجنسه إلا مثلاً بمثل) لأن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلاً بمثل رواه مسلم من حديث معمر بن عبد الله . والمماثلة المعتبرة في الشرع هي المماثلة في الكيل والوزن ، فدل على أنه لا يحرم إلا في مطعوم يكال أو يوزن ، ولا يحرم فيما لا يطعم كالأشنان والحديد ، ولا فيما لا يكال كالبطيخ والرمان ، وهي إحدى الروايات في علة الربا عن أحمد رحمه الله ، فعلى هذه تكون علة الربا في الذهب والفضة الثمنية لأنها وصف شرف فيصلح العليل بها كالطعام ، والرواية الأخرى أن العلة في الذهب والفضة الوزن والجنس ، وفي غيرهما الكيل والجنس ، لما روي عن عمار أنه قال : العبد خير من العبدين والثوب خير من الثوبين ، فما كان يداً بيد فلا بأس ، إنما الربا في النسأ إلا ما كيل أو وزن ، وروى الإمام أحمد في المسند عن أبي حبان عن أبيه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين ولا الصاع بالصاعين ، فإني أخاف عليكم الربا وهو الربا . فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس والنجيبة بالإبل ، فقال : لا بأس إن كان يداً بيد . ولأن قضية البيع المساواة والمؤثر في تحققها الكيل والوزن والجنس ، فإن الكيل يسوي بينهما صورة ، والجنس يسوي بينهما معنى ، فكانا علة . ووجدنا الزيادة في الكيل محرمة دون الزيادة في الطعم بدليل بيع الثقيلة بالخفيفة فإنه جائز إذا تساويا في الكيل ، ولو كانت العلة في الطعم لجرى الربا في الماء لكونه مطعوماً قال الله تعالى : ومن لم يطعمه فإنه مني . والرواية الثالثة أن العلة فيما عدا الأثمان كونه مأكول الجنس فيختص بالمطعومات ويخرج منه ما عداها . والعلة في الذهب والفضة الثمنية وهو مذهب الشافعي ، فيختص الذهب والفضة ، ودليله حديث معمر وقد سبق ، ولأن الطعم وصف شرف إذ به قوام الأبدان، والثمنية وصف شرف إذ بها قوام الأموال، فيقتضي التعليل بهما . ولأنه لو كانت العلة في الأثمان الوزن لما جاز إسلامهما في الموزونات ، لأن أحد وصفي علة ربا الفضل يكفي في تحريم النسأ. إذا ثبت هذا فعلى الرواية الأولى متى اجتمع الطعم والجنس والكيل والوزن حرم الربا رواية واحدة ، وما وجد فيه أحد الوصفين الطعم والكيل أو الوزن واتحد جنسه ففيه روايتان واختلاف بين أهل العلم كالأشنان والحديد والرصاص والبطيخ والرمان ، ولا فرق في المأكولات بين ما يؤكل قوتاً أو تفكهاً كالفواكه أو تداوياً كالإهليلج ، فإن الكل واحد في باب الربا . والله أعلم . 710 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع مكيل من ذلك بجنسه وزناً ، ولا موزون كيلاً). قد سبق أن قضية البيع المساواة، والمساواة المرعية في الشرع هي المساواة في المكيل كيلاً وفي الموزون وزناً ، فإذا تحققت المساواة في ذلك لم يضر اختلافها فيما سواه ، وإن لم توجد المساواة في ذلك لم يصح البيع لقول النبي صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب وزناً بوزن ، والبر بالبر كيلاً بكيلا رواه الأثرم في حديث عبادة . ولأبي داود ولفظه : البر بالبر مداً بمد والشعير بالشعير مداً بمد فمن زاد أو ازداد فقد أربى . فأمر بالمساواة في الموزونات المذكورة في الوزن وأمر بالمساواة في المكيلات في الكيل ، ولأن حقيقة الفضل مبطلة للبيع والمساواة مشترطة فيجب العلم بوجود الشرط فلا يجوز بيع المكيل بالمكيل وزناً لأن تماثلهما في الكيل شرط ، فمتى باع رطلاً خفيفاً منه برطل ثقيل حصل في كفة الخفيف أكثر مما في كفة الثقيل فربما حصل في رطل حنطة ثقيلة ثلثا مد ويحصل في رطل الخفيفة مد فيفوت التساوي المشترط ، ولا يجوز بيع الموزون بالموزون كيلاً لإفضائه إلى التفاضل على مثل ما ذكرنا في الكيل . 711 ـ مسألة : (وإن اختلف الجنسان جاز بيعه كيف شاء يداً بيد) يعني يجوز بيعه كيلاً ووزناً وجزافاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الأعيان الستة : فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يداً بيد رواه أبو داود . 712 ـ مسألة : (ولم يجز النسأ فيه) لذلك . وفي لفظ أبي داود : لا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يداً بيد ، وأما نسيئة فلا . ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يداً بيد ، وأما نسيئة فلا . فما اتحدت عليه ربا الفضل فيهما كالمكيل بالمكيل والموزون بالموزون ، عند من يعلل بهما ، والمطعوم عند من يعلل به ، فهذا لا خلاف بين أهل العلم في تحريم النسأ فيهما ، وما اختلفت علتاهما كالمكيل بالموزون ففيه روايتان عن أحمد إحداهما لا يجوز النسأ فيهما بالقياس على ما اتفقت علتهما ، والرواية الثانية يجوز لأنه لم يجتمع فيهما أحد وصفي علة الربا أشبها الثياب بالحيوان ، ويخرج من القسمين إذا كان أحد العوضين ثمناً والآخر من غير ثمن فإنه يجوز النسأ فيهما بغير خلاف ، لأن الشرع رخص في السلم ، والأصل في رأس المال السلم النقدان ، فلو قلنا لا يجوز انسد باب السلم في الموزونات على ما عليه الأصل الغالب فأثرت رخصة الشرع في التجويز . 713 ـ مسألة : (ولا يجوز النسأ فيه ولا التفرق قبل القبض) لقوله صلى الله عليه وسلم : يداً بيد فيحتمل أنه أراد به القبض وعبر باليد عن القبض ، ويحتمل أنه أراد به الحلول وترك النسيئة ، لأننا لو اشترطنا القبض في جميع ما يحرم فيه النسأ لم يبق فيه ربا نسيئة لكون العقد يفسد بترك التقابض ، والإجماع منعقد على أن من أنواع الربا ربا النسيئة ، قال أبو الخطاب : ما اتفقت علتهما كالحنطة بالشعير والذهب بالفضة لم يجز التفرق فيهما قبل القبض وإن فعلا بطل العقد ، وما اختلفت علتهما كالمكيل بالموزون جاز التفرق فيهما قبل القبض ، رواية واحدة ، قال شيخنا : وهذا ينبغي أن يكون في غير المطعوم ، فأما المطعوم فإن فيه رواية لأن الربا يجري فيه ، فعلى هذه لا يجوز التفرق فيه قبل القبض أيضاً ، وعلى الرواية الأخرى يجوز . 714 ـ مسألة : (إلا في الثمن بالمثمن) يعني فإنه يجوز التفرق فيه قبل القبض والنسأ لما سبق . 715 ـ مسألة : (وكل شيئين جمعهما اسم خاص) من أصل الخلقة (فهما جنس واحد) يشمل أنواعاً كالذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح ، فإذا اتفق شيئان في الاسم الخاص من أصل الخلقة فهما في واحد كأنواع التمر والبر ، وإن اختلفا في الاسم من أصل الخلقة فهما جنسان كالستة المذكورة في الخبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الزيادة فيها إذا بيع منها شئ بما يوافقه في الاسم ، وأباحها إذا بيع بما يخالفه في الاسم ، فدل على أن ما اتفقا في الاسم جنس ، وما اختلفا فيه جنسان . 716 ـ مسألة : (إلا أن يكونا من أصلين مختلفين ، فإن فروع الأجناس أجناس) تعتبر بأصولها ، فما أصله جنس واحد فهو جنس واحد وإن اختلفت أسماؤه ، وما أصله أجناس ، فهو أجناس (وإن اتفقت أسماؤه) فدقيق الحنطة والشعير جنسان وكذا خل العنب وخل التمر جنسان وكذلك اللبن ، وعنه أنهما جنس واحد ، والأول أصح لأنهما فرعا أصلين مختلفين فكانا جنسين (كالأدقة) . 717 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع رطب منها بيابس من جنسه) لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر متفق عليه، وعن سعد بن أبي وقاص : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن بيع الرطب بالتمر فقال : أينقص الرطب إذا يبس؟ فقالوا نعم ، فنهى عن ذلك أخرجه أبو داود ، فنهى وعلل بأنه ينقص عن يابسه ، فدل على أن رطبه يحرم بيعه بيابسه . 718 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع خالصه بمشوبه) كحنطة فيها شعير أو زوان بخالصة أو غير خالصة ، أو لبن مشوب بخالص أو مشوب ، أو عسل في شمعه بمثله إلا أن يكون الخلط يسيراً لا وقبع له كيسير التراب والزوان ودقيق التراب الذي لا يظهر في الكيل لأنه لا يخل بالتماثل ولا يمكن التحرز منه . 719 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع نيئه بمطبوخه) لأن النار تذهب برطوبته وتعقد أجزاءه فيمتنع تساويهما . 720 ـ مسألة : (ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المزابنة ، وهو اشتراء التمر بالتمر في رؤس النخل) فروى جابر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة متفق عليه ، والمحاقلة بيع الحب في سنبله بجنسه، وروى البخاري عن أنس قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمخاضرة وهو بيع الزرع الأخضر والثمرة قبل بدو صلاحها من غير شرط القطع ، وقيل المحاقلة استكراء الأرض بالحنطة . 721 ـ مسألة : (ورخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيع العرايا - فيما دون خمسة أوسق - أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطباً)، فروى أبو هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا في خمسة أوسق متفق عليه، وإنما يجوز بشروط خمسة : أحدها أن يكون دون خمسة أوسق ، وعنه يجوز في الخمسة ، والمذهب الأول لأن الأصل تحريم بيع الرطب بالتمر دون الخمسة بالخبر ، والخمسة مشكوك فيها فرد إلى الأصل . الثاني أن يكون مشتريها محتاجاً إلى أكلها رطباً ، لما روى محمود بن لبيد قال : قلت لزيد بن ثابت : ما عراياكم هذه ؟ فسمى رجالاً محتاجين من الأنصار : شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطباً يأكلونه وعندهم فضول من التمر ، فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبتاعوا العرية بخرصها من التمر يأكلونه رطباً متفق عليه ، والرخصة الثابتة لحاجة لا تثبت مع عدمها . الثالث أن لا يكون له نقد يشتري به للخبر . الرابع أن يشتريها بخرصها للخبر ، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم : رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً متفق عليه ، ولا بد أن يكون التمر معلوماً بالكيل للخبر ، وفي معنى الخرص روايتان إحداهما أن ينظر كم يجيء منها تمراً فيبيعها بمثله لأنه يخرص في الزكاة كذلك ، والثانية يبيعها بمثل ما فيها من الرطب لأن الأصل اعتبار المماثلة في الحال بالكيل ، وإذا خولف الدليل في أحدهما وأمكن أن لا يخالف في الآخر وجب . الخامس أن يتقابضا قبل تفرقهما لأنه بيع تمر بتمر فاعتبرت فيه أحكامه إلا ما استثناه الشرع ، والقبض فيها على النخل بالتخلية وفي التمر باكتياله ، فإن كان حاضراً في مجلس البيع اكتاله وإن كان غائباً مشى إلى التمر فتسلمه ، وإن قبضه أولاً ثم مشى إلى النخلة فتسلمها جاز ، واشترط الخرقي كون النخلة موهوبة لبائعها ، لأن العرية اسم لذلك ، واشترط القاضي وأبو بكر حاجة البائع إلى بيعها ، وحديث زيد ابن ثابت يرد ذلك مع أن اشتراطه يبطل الرخصة إذ لا تتفق الحاجتان مع سائر الشروط فتذهب الرخصة ، فعلى قولنا يجوز لرجلين شراء عريتين من واحد ، وعلى قولهما لا يجوز إلا ينقصا بمجموعهما عن خمسة أوسق .

باب في بيوع الملامسه والمنابزه

فصل 701 ـ مسألة : فصل : (ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة) في المتفق عليه لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في فساد هذين البيعين ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : نهى عن الملامسة والمنابذة متفق عليه . والملامسة أن يبيعه شيئاً ولا يشاهده على أنه متى لمسه وقع البيع ، والمنابذة أن يقول أي ثوب نبذته إلي فقد اشتريته ، وفي البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المنابذة ، وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه ، ونهى عن الملامسة ، والملامسة لمس الثوب لا ينظر إليه ، وعلة المنع من ذلك كون المبيع مجهولاً لا يعلم . 702 ـ مسألة : (ونهى عن بيع الحصاة) فروى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة . واختلف في تفسيره فقبل : هو أن يقول ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا ، وقيل : هو أن يقول بعتك من هذه الضيعة مقدار ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا ، وقيل : هو أن يبيعه شيئاً فإذا رمى بالحصاة فقد وجب البيع . والعلة في فساد ذلك ما فيه من الغرر والجهالة ، ولا نعلم في فساده خلافاً . 703 ـ مسألة : (ونهى عن بيع الرجل على بيع أخيه) لقوله عليه السلام : لا يبع بعضكم على بيع بعض ومعناه أن الرجلين . إذا تبايعا فجاء آخر إلى المشتري فقال : أنا أبيعك مثل هذه السلعة بدون الثمن الذي اشتريت به ، أو قال : أبيعك خيراً منها بثمنها ، أو عرض عليه سلعة أخرى حسب ما ذكره ، فهذا غير جائز ، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، لما فيه من الإضرار بالمسلم والإفساد عليه ، فيكون حراماً . فإن خالف وعقد البيع فالبيع باطل لأنه نهى عنه والنهي يقتضي فساد المنهي عنه . 704 ـ مسألة : (ونهى أن يبيع حاضر لباد)، والبادي هاهنا هو من يدخل البلدة من غير أهلها سواء كان بدوياً أو من قرية أو بلدة أخرى . قال ابن عباس : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتلقى الركبان ، وأن يبيع حاضر لباد ، قال : فقلت لابن عباس : ما قوله حاضر لباد ؟ قال : لا يكون له سمساراً . متفق عليه . وروى مسلم عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يبع حاضر لباد ، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ، والمعنى في ذلك أنه متى ترك البدوي يبيع سلعته اشتراها الناس برخص وتوسع عليهم السعر ، فإذا تولى الحاضر بيعها وامتنع أن يبيعها إلا بسعر البلد ضاق على أهل البلد فيضر بهم فنهى عنه صلى الله عليه وسلم، وعنه يصح وأن النهى اختص بأول الإسلام لما عليهم من الضيق في ذلك ، والأول المذهب لعموم النهي ، وما ثبت في حق الصحابة ثبت في حقنا ما لم يقم على اختصاصهم به دليل . فصل : ويشترط لعدم الصحة خمسة شروط : أن يحضر البدوي لبيع سلعته بسعر يومها جاهلاً سعرها ويقصده الحاضر وبالناس حاجة إليها ، وإنما اشترط ذلك لأن النهي معلل بالضرر الحاصل من الضيق على أهل المصر وإغلاء أسعارهم ، ولهذا قال عليه السلام : دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ولا يحصل الضرر إلا باجتماع الشروط الخمسة : أحدها : أن يحضر البادي لبيع سلعته ، فأما إن جاء بها ليأكلها أو يخزنها أو يهديها فليس في بيع الحاضر له تضييق بل فيه توسعة . الثاني : أن يحضر ليبيعها بسعر يومها ، فأما إن أحضرها وفي نفسه أن لا يبيعها رخيصة فليس في بيعه له تضييق . الثالث : أن يقصده الحاضر ، فإن كان هو القاصد للحاضر جاز لأن التضييق حصل منه لا من الحاضر فأشبه ما لو امتنع هو من بيعها إلا بسعر غال . الرابع : أن يكون جاهلاً بسعرها ، فإن كان عالماً بسعرها لم تحصل التوسعة بتركه بيعها لأن الظاهر أنه لا يبيعها إلا بسعرها . الخامس : أن يكون بالناس حاجة إلى سلعته كالأقوات ونحوها لأن ذلك هو الذي يعم الضرر بغلو سعره . 705 ـ مسألة : (ونهى عن النجش ، وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها) ليقتدي به من يريد شراءها يظن أنه لم يزد فيها هذا القدر إلا وهي تساويه فيغتر بذلك ، فهذا خداع وهو حرام . وقد ررى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تلقوا الركبان ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، ولا تناجشوا ، ولا يبع حاضر لباد متفق عليه . 706 ـ مسألة : (ونهى عن بيعتين في بيعة ، وهو أن يقول : بعتك هذا بعشرة صحاح أو عشرين مكسرة) أو بعشرة نقداً أو عشرين نسيئة ، فهذا لا يصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة حديث صحيح وهو هذا ، ويحتمل أن يصح بناء على قوله في الإجارة : إن خطته رومياً فلك نصف درهم ، وإن خطته فارسياً فلك درهم ، فإن فيها وجهين . 707 ـ مسألة : وقال عليه السلام : لا تلقوا السلع حتى يهبط بها الأسواق رواه البخاري ، وروي أنهم كانوا يتلقون الأجلاب فيشترون منهم الأمتعة قبل أن يهبط بها الأسواق ، فربما غبنوهم غبناً بيناً فيضروا بهم ، وربما أضروا بأهل البلد لأن الركبان إذا وصلوا باعوا أمتعتهم ، وهؤلاء الذين يتلقونهم لا يبيعون سريعاً ويتربصون به السعر فهو في معنى بيع الحاضر للبادي فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وروى ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا تلقوا الركبان ، ولا يبيع حاضر لباد وعن أبي هريرة مثله متفق عليهما ، فإن خالف وتلقى الركبان واشترى منهم فالبيع صحيح لأن في حديث أبي هربرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تلقوا الجلب ، فمن تلقاه واشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار هكذا رواه مسلم والخيار لا يكون إلا في عقد صحيح ، ولأن النهي لا لمعنى في البيع ، بل يعود إلى ضرب من الخديعة يمكن استدراكها بإثبات الخيار فأشبه بيع المصراة . 708 ـ مسألة : (وقال عليه السلام: من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)، وروى ابن عمر قال : رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يؤوه إلى رحالهم ، وقال عليه السلام : من اشرى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه متفق عليهما ، ولمسلم عن ابن عمر كنا نشتري من الركبان جزافاً ، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه وأجمع أهل العلم على أن من اشترى طعاماً فليس له أن يبيعه حتى يستوفيه .

باب فى البيع

691 ـ مسألة : (قال الله سبحانه : وأحل الله البيع 'سورة البقرة : الآية 275 '، والبيع معاوضة المال بالمال) لغرض التملك . 692 ـ مسألة : (ويجوز بيع كل مملوك فيه نفع مباح). ويشثرط لصحة البيع أن يكون المبيع مملوكاً لبائعه أو مأذوناً له فيه ، فإن باع ملك غيره بغير إذنه لم يصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام : لا تبع ما ليس عندك رواه ابن ماجه والترمذي وقال : حديث صحيح ، يعني ما لا تملك لأنه ذكره جواباً له حين سأله أن يببع الشئ ثم يمضي ويشتريه ويسلمه ، ولاتفاقنا على صحة بيع ماله الغائب عنه ، ولأنه عقد على ما لا يقدر على تسليمه أشبه بيع الطير في الهواء ، وعنه يصح ويقف على إجارة المالك ، لما روى عروة بن الجعد البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به شاة فاشترى به شاتين ثم باع إحداهما بدينار في الطريق ، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار والشاة وأخبرته فقال : بارك الله لك في صفقة يمينك رواه الأثرم وابن ماجه ، ولأنه عقد له مخير حال وقوعه فيجب أن يقف على إجازته كالوصية فيما زاد على الثلث لأجنبي ، والصحيح الأول ، وحديث عروة محمول على أنه كانت وكالته مطلقة بدليل أنه سلم وتسلم وليس ذلك لغير المالك باتفاق ، وأما الوصية فيتأخر فيها القبول عن الإيجاب ، ولا يعتبر أن يكون له تخير حال وقوع العقد، ويجوز فيها من الغرر ما لا يجوز في البيع فافترقا . وقوله : فيه نفع مباح احتراز عما فيه نفع محرم كآلات اللهو فإنه لا يجوز بيعها لأنها محرمة . 613 ـ مسألة : (إلا الكلب فإنه لا يجوز بيعه) وإن كان معلماً ، لما روى أبو سعيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب وقال : ثمن الكلب خبيث متفق عليه . (ولا غرم على متلفه) لذلك ، ولأنه لا قيمة له . 694 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع ما ليس بمملوك لبائعه إلا بإذن مالكه أو ولاية عليه) لما سبق من حديث حكيم بن حزام . 695 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع ما لا نفع فيه كالحشرات)، لأنه لا قيمة لها وهي محرمة أشبهت الميتة . 696 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع ما نفعه محرم كالخمر والميتة)، لقوله عليه السلام : إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ، وفي حديث جابر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام متفق عليه . 697 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع معدوم كالذي تحمل أمته أو شجرته)، لأنه مجهول غير مقدور على تسليمه . (ولا يجوز بيع المجهول كالحمل) لجهالته . 698 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع الغائب الذي لم يوصف ولم تتقدم رؤيته) لجهالته (ولا بيع معجوز عن تسليمه كالآبق والطير في الهواء والسمك في الماء)، لأن القدرة على التسليم شرط في صحة البيع ولم يوجد . 699 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع المغصوب لذلك إلا لغاصبه أو لمن يقدر على أخذه منه) لأنه يقدر على تسليمه . 700 ـ مسألة : (ولا يجوز بيع غير معين كعبد من عبيده أو شاة من قطيعه) لجهالته ، (فإن تساوت أجزاؤه كقفيز من صبرة معينة صح) لأنه يصير معلوماً .
باب كيف كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صحيح ) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه ) . ( صحيح ) عن أنس بن مالك قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه ) . باب ما جاء في ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ضعيف ) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : ( كان في ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم حموشة وكان لا يضحك إلا تبسما فكنت إذا نظرت إليه قلت : أكحل العينين وليس بأكحل ) . - عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه أنه قال : ( صحيح ) ( ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . ( صحيح ) ومن طريق أخرى عنه قال : ( ما كان ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسما/ ) . ( صحيح ) عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلم أول رجل يدخل الجنة وآخر رجل يخرج من النار : يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ويخبأ عنه كبارها . فيقال له : عملت يوم كذا كذا وكذا وهو مقر لا ينكر وهو مشفق من كبارها فيقال : أعطوه مكان كل سيئة حسنة . فيقول : إن لي ذنوبا لا أراها ههنا ) . قال أبو ذر : ( فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ) . ( صحيح ) عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : ( ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك ) . وفي رواية : ( إلا تبسم/ ) . ( صحيح ) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعرف آخر أهل النار خروجا رجل يخرج منها زحفا فيقال له : انطلق فادخل الجنة . قال : فيذهب ليدخل الجنة فيجد الناس قد أخذوا المنازل فيرجع فيقول : يا رب قد أخذ الناس المنازل فيقال له : أتذكر الزمان الذي كنت فيه ؟ فيقول : نعم . قال : فيقال له : تمن . قال : فيتمنى . فيقال له : فإن لك الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا . قال : فيقول : أتسخر بي وأنت الملك ) . قال : ( فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ) ( صحيح ) علي بن ربيعة قال : شهدت عليا رضي الله عنه أتي بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الركاب قال : بسم الله فلما استوى على ظهرها قال : الحمد لله ثم قال : ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . وإنا الى ربنا لمنقبلون ) . ثم قال : الحمد لله ( ثلاثا ) والله أكبر ( ثلاثا ) سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) . ثم ضحك . فقلت له : من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت ثم ضحك فقلت : من أي شئ ضحكت يا رسول الله ؟ قال : ( إن ربك ليعجب من عبده إذا قال : رب اغفر لي ذنوبي يعلم أنه لا يغفر الذنوب أحد غيره ) . ( ضعيف ) عن عامر بن سعد قال : قال سعد : ( لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك يوم الخندق حتى بدت نواجذه . قال : قلت : كيف كان ضحكه ؟ قال : كان رجل معه ترس وكان سعد راميا وكان الرجل يقول : كذا وكذا بالترس يغطي جبهته فنزع له سعد بسهم فلما رفع رأسه رماه فلم يخطئ هذه منه ( يعني جبهته ) وانقلب الرجل وشال برجله . فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه . قال : قلت : من أي شيء ضحك ؟ قال : من فعله بالرجل ) . باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن أنس بن مالك : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( صحيح ) ( يا ذا الأذنين ) . قال أبو أسامة : يعني يمازحه . ( صحيح ) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير : ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) . قال أبو عيسى : وفقه هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمازح . وفيه أنه كنى غلاما صغيرا فقال له : يا أبا عمير . وفيه أنه لا بأس أن يعطى الصبي الطير ليلعب به وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا عمير ما فعل النغير ؟ ) لأنه كان له نغير يلعب به فمات فحزن الغلام عليه فمازحه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا أبا عمير : ما فعل النغير ؟ ) . ( صحيح ) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قالوا : يا رسول الله إنك تداعبنا . قال : ( نعم غير أني لا أقول إلا حقا ) . ( صحيح ) عن أنس بن مالك : أن رجلا استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : ( إني حاملك على ولد ناقة ) فقال : يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( وهل تلد الإبل إلا النوق ؟ ) ( صحيح ) وعنه : أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا وكان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية من البادية فيجهزه النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه ) . وكان صلى الله عليه وسلم يحبه وكان رجلا دميما فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال : من هذا ؟ أرسلني . فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من يشتري هذا العبد ؟ . فقال : يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لكن عند الله لست بكاسد ) . أو قال : ( أنت عند الله غال ) . - عن الحسن قال : ( حسن ) أتت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة . فقال : ( يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز ) . قال : فولت تبكي . فقال : ( أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول : إنا أنشأناهن إنشاء . فجعلناهن أبكارا . عربا أترابا ) . باب ما جاء في صفة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعر - عن عائشة رضي الله عنها قالت : قيل لها : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر ؟ قالت : ( صحيح ) ( كان يتمثل بشعر ابن رواحة ويتمثل بقوله : ويأتيك بالأخبار من لم تزود ) . ( صحيح ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أصدق كلمة قالها شاعر ( وفي رواية : أشعر كلمة تكلمت بها العرب/ ) كلمة لبيد : ألا كل ما خلا الله باطل . وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم ) . ( صحيح ) عن جندب بن سفيان البجلي قال : أصاب حجر إصبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدميت فقال : ( هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت ) . ( صحيح ) عن البراء بن عازب قال : قال له رجل : أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا عمارة ؟ فقال : لا والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن ولى سرعان الناس تلقتهم هوازن بالنبل ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بلجامها ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) ( صحيح ) عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وابن رواحة يمشي بين يديه وهو يقول : خلوا بني الكفار عن سبيله اليوم نضربكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله فقال له عمر : يا ابن رواحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حرم الله تقول الشعر ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( خل عنه يا عمر فلهي أسرع فيهم من نضح النبل ) - عن جابر بن سمرة قال : ( صحيح ) ( جالست النبي الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة وكان أصحابه يتناشدون الشعر ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت وربما تبسم معهم ) . ( صحيح ) عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال : كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدته مائة قافية من قول أمية بن أبي الصلت الثقفي كلما أنشدته بيتا قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ( هيه ) حتى أنشدته مائة . يعني بيتا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن كاد ليسلم ) . ( حسن ) عن عائشة قالت : ( صحيح ) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد يقوم عليه قائما يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال : ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : ( إن الله تعالى يؤيد حسان بروح القدس ما ينافح أو يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) باب ما جاء في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السمر ( ضعيف ) عن عائشة قالت : حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نساءه حديثا فقالت امرأة منهن : كأن الحديث حديث خرافة فقال : ( أتدرون ما خرافة ؟ إن خرافة كان رجلا من عذرة أسرته الجن في الجاهلية فمكث فيهم دهرا ثم ردوه إلى الإنس فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من الأعاجيب فقال الناس : حديث خرافة ) . حديث أم زرع ( صحيح ) عن عائشة قالت : جلست إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا . ( فقالت الأولى ) : زوجي لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل . ( قالت الثانية ) : زوجي لا أثير خبره إني أخاف أن لا أذره إن أذكره أذكر عجره وبجره . ( قالت الثالثة ) : زوجي العشنق إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق . ( قالت الرابعة ) : زوجي كليل ( تهامة ) لا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة . ( قالت الخامسة ) : زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد ولا يسأل عما عهد . ( قالت السادسة ) : زوجي إن أكل لف وإن شرب اشتف وإن اضطجع التف ولا يولج الكف ليعلم البث . ( قالت السابعة ) : زوجي عياياء ( أو غياياء ) طباقاء كل داء له داء شجك أو فلك أو جمع كلا لك . ( قالت الثامنة ) : زوجي : المس مس أرنب والريح ريح زرنب . ( قالت التاسعة ) : زوجي رفيع العماد طويل النجاد عظيم الرماد قريب البيت من الناد . ( قالت العاشرة ) : زوجي مالك وما مالك ؟ مالك خير من ذلك له إبل كثيرات المبارك قليلات المسارح إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك . ( قالت الحادية عشرة ) : زوجي أبو زرع وما أبو زرع ؟ أناس من حلي أذني وملأ من شحم عضدي وبجحني فبجحت إلي نفسي وجدني في أهل غنيمة بشق فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق فعنده أقول فلا أقبح وأرقد فأتصبح وأشرب فأتقمح أم أبي زرع فما أم أبي زرع ؟ : عكومها رداح وبيتها فساح ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع ؟ : مضجعه كمسل شطبة وتشبعه ذراع الجفرة بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع ؟ طوع أبيها وطوع أمها وملء كسائها وغيظ جارتها جارية أبي زرع فما جارية أبي زرع ؟ لا تبث حديثنا تبثيثا ولا تنقث ميرتنا تنقيثا ولا تملأ بيتنا تعشيشا قالت : خرج أبو زرع والأوطاب تمخض فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين فطلقني ونكحها فنكحت بعده رجلا سريا ركب شريا وأخذ خطيا وأراح علي نعما ثريا وأعطاني من كل رائحة زوجا وقال : كلي أم زرع وميري أهلك . فلو جمعت كل شئ أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع . قالت عائشة رضي الله عنها : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كنت لك كأبي زرع لأم زرع )
باب ما جاء في خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي : ( صحيح ) عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ولا بالأبيض الأمهق ولا بالآدم ولا بالجعد القطط ولا بالسبط بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين وتوفاه الله على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء ) ( صحيح ) وعنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير حسن الجسم وكان شعره ليس بجعد ولا سبط أسمر اللون إذا مشى يتكفأ ) . ( صحيح ) البراء بن عازب يقول : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه عليه حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه و في رواية عنه قال : ( ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يضرب منكبيه بعيد ما بين المنكبين لم يكن بالقصير ولا بالطويل ) . ( صحيح ) عن علي بن أبي طالب قال : ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير شثن الكفين والقدمين ضخم الرأس ضخم الكراديس طويل المسربة إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم ) . ( ضعيف ) إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كان علي إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطويل الممغط ولا بالقصير المتردد وكان ربعة من القوم لم يكن بالجعد القطط ولا بالسبط كان جعدا رجلا ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم وكان في وجهه تدوير أبيض مشرب أدعج العينين أهدب الأشفار جليل المشاش والكتد أجرد ذو مسربة شثن الكفين والقدمين إذا مشى تقلع كأنما ينحط من صبب وإذا التفت التفت معا بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين أجود الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم ) . قال أبو عيسى : سمعت أبا جعفر محمد بن الحسين يقول : سمعت الأصمعي يقول في تفسير صفة النبي صلى الله عليه وسلم : ( الممغط ) : الذاهب طولا وقال : سمعت أعرابيا يقول في كلامه : تمغط في نشابته . أي مدها مدا شديدا . و( المتردد ) : الداخل بعضه في بعض قصرا . وأما ( القطط ) : فالشديد الجعودة . و( الرجل ) : الذي في شعره حجونة أي تثن قليل . وأما ( المطهم ) : فالبادن الكثير اللحم . و( المكلثم ) : المدور الوجه . و( المشرب ) : الذي في بياضه حمرة . و( الأدعج ) : الشديد سواد العين . و( الأهدب ) : الطويل الأشفار . و( الكتد ) : مجتمع الكتفين وهو الكاهل . و( المسربة ) : هو الشعر الدقيق الذي كأنه قضيب من الصدر إلى السرة . و( الشثن ) : الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين . و( التقلع ) : أن يمشي بقوة . و ( الصبب ) : الحدور يقال انحدرنا في صبوب وصبب . وقوله : ( جليل المشاش ) يريد رؤوس المناكب . و( العشرة ) : الصحبة . و( العشير ) : الصاحب . و( البديهة ) : المفاجأة يقال : بدهته بأمر أي فجأته . ( ضعيف جدا ) عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : سألت خالي هند بن أبي هالة وكان وصافا عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به فقال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر أطول من المربوع وأقصر من المشذب عظيم الهامة رجل الشعر إن انفرقت عقيقته فرقها وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره أزهر اللون واسع الجبين أزج الحواجب سوابغ في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب أقنى العرنين له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم كث اللحية سهل الخدين ضليع الفم مفلج الأسنان دقيق المسربة كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة معتدل الخلق بادن متماسك سواء البطن والصدر عريض الصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس أنور المتجرد موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر طويل الزندين رحب الراحة شثن الكفين والقدمين سائل الأطراف أو قال : شائل الأطراف خمصان الأخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء إذا زال زال قلعا يخطو تكفيا ويمشي هونا ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب وإذا التفت التفت جميعا خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء جل نظره الملاحظة يسوق أصحابه ويبدر من لقي بالسلام ) . [ قال : فقلت : صف لي منطق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان دائم الفكرة ليست له راحة طويل السكت لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختمه باسم الله تعالى ويتكلم بجوامع الكلم كلامه فصل لا فضول ولا تقصير . ليس بالجافي ولا المهين يعظم النعمة وإن دقت لا يذم منها شيئا غير أنه لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه . ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها فإذا تعدي الحق لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها . إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث اتصل بها وضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى . وإذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه . جل ضحكه التبسم يفتر عن مثل حب الغمام ) ] [ قال الحسن : فكتمتها الحسين زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأله عما سألته عنه ووجدته قد سأل أباه عن مدخله ومخرجه وشكله فلم يدع منه شيئا . قال الحسين : فسألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( كان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءا لله وجزءا لأهله وجزءا لنفسه ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة ولا يدخرعنهم شيئا . وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما يصلحهم والأمة من مساءلتهم عنه وإخبارهم بالذي ينبغي لهم ويقول : ( ليبلغ الشاهد منكم الغائب وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة ) . لايذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون روادا ولا يفترقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة يعني على الخير . قال : فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا فيما يعنيه ويؤلفهم ولا ينفرهم ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره وخلقه . ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس ويحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهيه . معتدل الأمر غير مختلف لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا لكل حال عنده عتاد لا يقصر عن الحق ولا يجاوزه . [ الذين ] يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة . قال : فسألته عن مجلسه . فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك . يعطي كل جلسائه بنصيبه لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه من جالسه أو فاوضه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول قد وسع الناس بسطه وخلقة فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء . مجلسه مجلس علم وحلم وحياء وأمانة وصبر لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته متعادلين بل كانوا يتفاضلون فيه بالتقوى متواضعين يوقرون فيه الكبير ويرحمون فيه الصغير ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب ) ] . [ قال الحسين : سألت أبي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه ؟ فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مشاح . يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤيس منه راجيه ولا يخيب فيه . قد ترك نفسه من ثلاث : المراء والإكثار وما لا يعنيه . وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا ولا يعيبه ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه . وإذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير فإذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث أولهم . يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم ويقول : ( إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه ) . ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام ) ] . ( صحيح ) جابر بن سمرة يقول : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم أشكل العين منهوس العقب ) . قال شعبة : قلت لسماك : ما ( ضليع الفم ) ؟ قال : عظيم الفم . قلت : ما ( أشكل العين ) ؟ قال : طويل شق العين . قلت : ما ( منهوس العقب ) ؟ قال : قليل لحم العقب . ( صحيح ) وعنه قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان ( مضيئة مقمرة ) وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فلهو عندي أحسن من القمر ) . ( صحيح ) عن أبي إسحاق قال : سأل رجل البراء بن عازب : أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف ؟ قال : ( لا بل مثل القمر ) . ( صحيح ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض كأنما صيغ من فضة رجل الشعر ) ( صحيح ) عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( عرض علي الأنبياء فإذا موسى عليه السلام ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى بن مريم عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود ورأيت إبراهيم عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم ( يعني نفسه ) ورأيت جبريل عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية ) . ( صحيح ) أبا الطفيل يقول : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما بقي على وجه الأرض أحد رآه غيري ) . قلت : صفه لي . قال : ( كان أبيض مليحا مقصدا ) . ( ضعيف جدا ) عن ابن عباس قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثنيتين إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه ) .

العشره المبشرون بالجنه

العشرة المبشرون بالجنةروي عن سعيد بن زيد رضي الله عنه أنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" عشرة من قريش في الجنة ، أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ،وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن مالك ( بن أبي وقاص ) ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل ، و أبو عبيدة بن الجراح " إذا العشرة المبشرون بالجنة هم :أبوبكر الصديق رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عثمان بن عفان رضي الله عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه الزبير بن العوام رضي الله عنه عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه سعد بن مالك ( بن أبي وقاص ) رضي الله عنه سعيد بن زيد بن عمرو رضي الله عنه أبوعبيدة بن الجراح رضي الله عنه ولقد تم ذكر السيرة العطرة للخلفاء الراشدين الاربعة وسنواصل السيرة العطرة للستة الباقين المبشرين بالجنة ============ طلحة بن عبيد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض وقد قضى نحبه ، فلينظر الى طلحة " نسبههو طلحة بن عبيـد اللـه بن عثمان التيمـي القرشي المكي المدني ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، و لقد كان في تجارة له بأرض بصرى ، حين لقي راهبا من خياررهبانها ، وأنبأه أن النبي الذي سيخرج من أرض الحرم ، قد أهل عصره ، ونصحه باتباعه وعاد الى مكـة ليسمع نبأ الوحي الذي يأتي الصادق الأميـن ، والرسالة التي يحملها ، فسارع الى أبي بكر فوجـده الى جانب محمد مؤمنا ، فتيقن أن الاثنان لن يجتمعا الا علـى الحق ، فصحبه أبـو بكر الى الرسـول صلى الله عليه وسلم حيث أسلم وكان من المسلمين الأوائل ايمانهلقد كان طلحة رضي الله عنه من أثرياء قومه ومع هذا نال حظه من اضطهاد المشركين ،وهاجر الى المدينة وشهد المشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم الا غزوة بدر ، فقد ندبه النبي صلى الله عليه وسلم ومعه سعيد بن زيد الى خارج المدينة ، وعند عودتهما عاد المسلمون من بدر ، فحزنا الا يكونا مع المسلمين ، فطمأنهما النبي صلى الله عليه وسلم بأن لهما أجر المقاتلين تماما ، وقسم لهما من غنائم بدر كمن شهدها وقد سماه الرسول الكريم يوم أحُد ( طلحة الخير ) وفي غزوة العشيرة ( طلحة الفياض ) ويوم حنين ( طلحة الجود ) بطولته يوم أحدفي أحدأبصر طلحة رضي الله عنه جانب المعركة الذي يقف فيه الرسول صلى اللهعليه وسلم فلقيه هدفا للمشركين ، فسارع وسط زحام السيوف والرماح الى رسولالله صلى الله عليه وسلم فرآه والدم يسيل من وجنتيه ، فجن جنونه وقفز أمامالرسول صلى الله عليه وسلم يضرب المشركين بيمينه ويساره ، وسند الرسول صلى الله عليه وسلم وحمله بعيدا عن الحفرة التي زلت فيها قدمه ، ويقول أبو بكر رضي الله عنه عندما يذكر أحدا :( ذلك كله كان يوم طلحة ، كنت أول من جاء الى النبيصلى الله عليه وسلم فقال لي الرسول صلى الله عليه وسلم ولأبي عبيدة بن الجراحرضي الله عنه : " دونكم أخاكم " ونظرنا ، واذا به بضع وسبعون بين طعنة وضربة ورمية ، واذا أصبعه مقطوعة ، فأصلحنا من شأنه ) وقد نزل قوله تعالى :(( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر * وما بدلوا تبديلا ))تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية أمام الصحابة الكرام ، ثم أشار الى طلحة قائلا : " من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض ، وقد قضى نحبه ، فلينظر الى طلحة "ما أجملها من بشرى لطلحة رضي الله عنه ، فقد علم أن الله سيحميه من الفتنة طوال حياته وسيدخله الجنة فما أجمله من ثواب عطائه وجودهوهكذا عاش طلحة رضي الله عنه وسط المسلمين مرسيا لقواعد الدين ، مؤديا لحقوقه ، واذا أدى حق ربه اتجه لتجارته ينميها ، فقد كان من أثرى المسلمين ، وثروته كانتدوما في خدمة الدين ، فكلما أخرج منها الشيء الكثير ، أعاده الله اليه مضاعفا ،تقول زوجته سعدى بنت عوف : دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما ، فسألته : ما شأنك ؟ فقال : المال الذي عندي ، قد كثر حتى أهمني وأكربني فقلت له : ما عليك ، اقسمه فقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهما وفي احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ، فلما رأى المال أمامه فاضت عيناه من الدمع وقال : ان رجلا تبيت هذه الأموال في بيته لا يدري مايطرق من أمر ، لمغرور بالله ، فدعا بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع يوزعها حتى أسحر وما عنده منها درهما .وكان رضي الله عنه من أكثر الناس برا بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم جميعا ، لقد قيل : كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا الا كفاه مئونته ، ومئونة عياله ، وكانيزوج أياماهم ، ويخدم عائلهم ، ويقضي دين غارمهم .ويقول السائب بن زيد : صحبت طلحة بن عبيد الله في السفر و الحضر فما وجدت أحدا ، أعم سخاء على الدرهم ، والثوب ، والطعام من طلحة . طلحة والفتنة عندما نشبت الفتنة في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه أيد طلحة حجة المعارضينلعثمان ، وزكى معظمهم فيما ينشدون من اصلاح ، ولكن أن يصل الأمر الى قتل عثمان رضي الله عنه ، لا لكان قاوم الفتنة ، وما أيدها بأي صورة ، ولكن ماكانكان ، أتم المبايعة هو والزبير لعلي رضي الله عنهم جميعا وخرجوا الى مكة معتمرين ،ومن هناك الى البصرة للأخذ بثأر عثمان ، وكانت ( وقعة الجمل ) عام 36 هجري طلحةوالزبير في فريق وعلي في الفريق الآخر ، وانهمرت دموع علي رضي الله عنهعندما رأى أم المؤمنين ( عائشة ) في هودجها بأرض المعركة ، وصاح بطلحة :( يا طلحة ، أجئت بعرس رسول الله تقاتل بها ، وخبأت عرسك في البيت ؟)ثم قال للزبير : ( يا زبير : نشدتك الله ، أتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليهوسلم ونحن بمكان كذا ، فقال لك : يا زبير ، الا تحب عليا ؟ فقلت : ألا أحب ابن خالي ، وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟؟ فقال لك : يا زبير ، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم )فقال الزبير : ( نعم أذكر الآن ، وكنت قد نسيته ، والله لاأقاتلك ) الشهادة وأقلع طلحـة و الزبيـر رضي الله عنهما عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكن دفعـا حياتهما ثمنا لانسحابهما ، و لكن لقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا ، فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو يصلي ، وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته .وبعد أن انتهى علي رضي الله عنه من دفنهما ودعهما بكلمات أنهاها قائلا :( اني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمـان من الذين قال الله فيهم :(( ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين ))ثم نظر الى قبريهما وقال : ( سمعت أذناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلميقول : " طلحة و الزبير ، جاراي في الجنة " )قبر طلحةلما قتل طلحة دفن الى جانب الفرات ، فرآه حلما بعض أهله فقال :ألاتريحوني من هذا الماء فإني قد غرقت .. قالها ثلاثا .فأخبر من رآه ابن عباس ، فاستخرجوه بعد بضعة وثلاثين سنة ، فإذا هو أخضركأنه السلق ، ولم يتغير منه إلا عقصته ، فاشتروا له دارا بعشرة آلاف ودفنوه فيها ، وقبره معروف بالبصرة ، وكان عمره يوم قتل ستين سنة وقيل أكثر من ذلك .============ الزبيـر بن العوام حواري رسول اللهقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن لكل نبي حوارياً ، وحواريّ الزبير بن العوام " نسبههو الزبير بن العوام يلتقي نسبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في قصي بن كلاب كما أن أمه صفية )رضي الله عنه عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجته أسماءبنت أبي بكر ذات النطاقين ، كان رفيع الخصال عظيم الشمائل ، يدير تجارة ناجحة وثراؤه عريضا لكنه أنفقه في الإسلام حتى مات مدينا الزبير وطلحة يرتبط ذكرالزبيـر دوما مع طلحة بن عبيد الله ، فهما الاثنان متشابهان في النشأة والثراء والسخاء والشجاعة وقوة الدين ، وحتى مصيرهما كان متشابها فهما من العشرة المبشرين بالجنة وآخى بينهما الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويجتمعان بالنسب والقرابة معه ، وتحدث عنهما الرسول قائلا :( طلحة والزبيـر جاراي في الجنة ،و كانا من أصحاب الشورى الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب لإختيار خليفته . أول سيف شهر في الإسلامأسلم الزبير بن العوام وعمره خمس عشرة سنة ، وكان من السبعة الأوائل الذين سارعوا بالإسلام ، وقد كان فارسا مقداما ، وإن سيفه هو أول سيف شهر بالإسلام ، ففي أيامالإسلام الأولى سرت شائعة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فما كان من الزبيرإلا أن استل سيفه وامتشقه ، وسار في شوارع مكة كالإعصار ، وفي أعلى مكة لقيهالرسول صلى الله عليه وسلم فسأله ماذا به ؟فأخبره النبأ فصلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا له بالخير ولسيفه بالغلب إيمانه وصبرهكان للزبير رضي الله عنه نصيبا من العذاب على يد عمه ، فقد كان يلفه في حصير ويدخنعليه بالنار كي تزهق أنفاسه ، ويناديه : اكفر برب محمد أدرأ عنك هذا العذاب فيجيب الفتى الغض : ( لا والله ، لا أعود للكفر أبدا ) وهاجر الزبيررضي الله عنه الى الحبشة الهجرتين ، ثم يعود ليشهد المشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم غزوة أحدفي غزوة أحد وبعد أن انقلب جيش قريش راجعا الى مكة ، ندب الرسول صلى الله عليهوسلم الزبير وأبوبكر لتعقب جيش المشركين ومطاردته ، فقاد أبوبكر والزبير رضي اللهعنهما سبعين من المسلمين قيادة ذكية ، أبرزا فيها قوة جيش المسلمين ، حتى أن قريش ظنت أنهم مقدمة لجيش الرسول القادم لمطاردتهم فأسرعوا خطاهم لمكة هاربين بنو قريظة وفي يوم الخندق قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" مَنْ رجلُ يأتينا بخبر بني قريظة ؟ "فقال الزبير : ( أنا ) فذهب ثم قالها الثانية فقال الزبير : ( أنا ) فذهب ثم قالها الثالثة فقال الزبيـر : ( أنا ) فذهب فقال النبـي صلى الله عليه وسلم : " لكل نبيّ حَوَارِيٌّ، والزبيـر حَوَاريَّ وابن عمتي "وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا للرسول صلى الله عليه وسلم ، أرسلالرسول الزبيـر وعلي بن أبي طالب فوقفا أمام الحصن يرددان: ( والله لنذوقن ماذاق حمزة ، أو لنفتحن عليهم حصنهم )ثم ألقيا بنفسيهما داخل الحصن وبقوة أعصابهما أحكما وأنزلا الرعب في أفئدة المتحصـنين داخله وفتحا للمسلمين أبوابه يوم حنينوفي يوم حنين أبصر الزبيـر ( مالك بن عوف ) زعيم هوازن وقائد جيوش الشرك في تلكالغزوة ، أبصره واقفا وسط فيلق من أصحابه وجيشه المنهزم ، فاقتحم حشدهم وحده ، وشتت شملهم وأزاحهم عن المكمن الذي كانوا يتربصون فيه ببعض المسلمين العائدين من المعركة حبه للشهادةكان الزبير بن العوام شديد الولع بالشهادة ، فهاهو يقول :( إن طلحة بن عبيد الله يسمي بنيه بأسماء الأنبياء ، وقد علم ألا نبي بعد محمد ، وإنيلأسمي بني بأسماء الشهداء لعلهم يستشهدون ) وهكذا سمى ولده عبد الله تيمنا بالشهيد عبد الله بن جحش وسمى ولـده المنـذر تيمنا بالشهيد المنـذر بن عمـرو وسمى ولـده عـروة تيمنا بالشهيد عـروة بن عمـرو وسمى ولـده حمـزة تيمنا بالشهيد حمزة بن عبد المطلب وسمى ولـده جعفـراً تيمنا بالشهيد جعفر بن أبي طالب وسمى ولـده مصعبا تيمنا بالشهيد مصعب بن عميـر وسمى ولـده خالـدا تيمنا بالشهيد خالـد بن سعيـد وصيتهكان توكله على الله منطلق جوده وشجاعته وفدائيته ، وحين كان يجود بروحه أوصىولده عبد الله بقضاء ديونه قائلا :( إذا أعجزك دين ، فاستعن بمولاي )وسأله عبد الله : أي مولى تعني ؟ فأجابه : ( الله ، نعم المولى ونعم النصير ) يقول عبدالله فيما بعد : فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير اقضي دينه ، فيقضيه موقعة الجملبعد استشهاد عثمان بن عفان أتم المبايعة الزبير و طلحة لعلي رضي الله عنهم جميعا وخرجوا الى مكة معتمرين ، ومن هناك الى البصرة للأخذ بثأر عثمان ، وكانت وقعةالجمل عام 36 هجري طلحة والزبير في فريق وعلي في الفريق الآخر ، وانهمرت دموع علي رضي الله عنه عندما رأى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في هودجها بأرض المعركة ، وصاح بطلحة : ( يا طلحة ، أجئت بعرس رسول الله تقاتل بها ، وخبأت عرسك في البيت ؟)ثم قال للزبير : ( يا زبير : نشدتك الله ، أتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلمونحن بمكان كذا ، فقال لك : يا زبير ، الا تحب عليا ؟؟ فقلت : ألا أحب ابن خالي ،وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟؟فقال لك : يا زبير ، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم )فقال الزبير : ( نعم أذكر الآن ، وكنت قد نسيته ، والله لاأقاتلك ) وأقلع طلحة و الزبير رضي الله عنهما عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكن دفعا حياتهما ثمنا لانسحابهما ، و لكن لقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو يصلي ، وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته . الشهادةلما كان الزبير بوادي السباع نزل يصلي فأتاه ابن جرموز من خلفه فقتله و سارع قاتل الزبير الى علي يبشره بعدوانه على الزبير ويضع سيفه الذي استلبه بين يديه ، لكن عليا صاح حين علم أن بالباب قاتل الزبير يستأذن وأمر بطرده قائلا :( بشر قاتل ابن صفية بالنار ) وحين أدخلوا عليه سيف الزبير قبله وأمعن في البكاء وهو يقول :( سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله ) وبعد أن انتهى علي رضي الله عنه من دفنهما ودعهما بكلمات انهاها قائلا :( اني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمان من الذين قال الله فيهم :(( ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين ))ثم نظر الى قبريهما وقال :سمعت أذناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" طلحة و الزبير ، جاراي في الجنة " ============ عبدالرحمن بن عوف نسبهعبد الرحمن بن عوف أحد الثمانية السابقين الى الإسلام ، عرض عليه أبو بكر الإسلام فما غـم عليه الأمر ولا أبطأ ، بل سارع الى الرسول صلى الله عليه وسلم يبايعه وفور إسلامه حمل حظـه من اضطهاد المشركين .ولد بعد الفيل بعشر سنين وأسلم قبل أن يدخل الرسول صلى الله عليه وسلمدار الأرقم وكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذي أسلمواعلى يد أبي بكر، وكان من المهاجرين الأولين، هاجر إلى الحبشة، وإلى المدينة‏ وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع‏.‏ وكان أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى، الذين جعل عمر بن الخطاب الخلافة فيهم، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفيوهو عنهم راضٍ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه في سفرة، وجرحيوم أحد إحدى وعشرين جراحة، وجرح في رجله فكان يعرج منها، وسقطت ثنيتاه فكان أهتم‏.‏ التجارةكان رضي الله عنه محظوظا بالتجارة إلى حد أثار عجبه فقال :( لقد رأيتني لو رفعت حجرا لوجدت تحته فضة وذهبا ) وكانت التجارة عنده رضي الله عنه عملا وسعيا لا لجمع المال ولكن للعيش الشريف ، وهذا ما نراه حين آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار ، فآخى بين عبد الرحمن بن عوف و سعد بن ربيع ، قال سعد لعبد الرحمن رضي الله عنهما :أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا ، فانظر شطر مالي فخذه ، وتحتي امرأتان ،فانظر أيتهما أعجب لك حتى أطلّقها وتتزوجها .فقال عبد الرحمن رضي الله عنه : بارك الله لك في أهلك ومالك ، دلوني على السوق وخرج الى السوق فاشترى وباع وربح . حق اللهكانت تجارة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ليست له وحده ، وإنما لله والمسلمون حقا فيها ، فقد سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول يوما :" يا بن عوف إنك من الأغنياء ، وإنك ستدخل الجنة حَبْوا ، فأقرض الله يُطلق لك قدميك "ومنذ ذاك الحين وهو يقرض الله قرضـا حسنا ، فيضاعفـه الله له أضعافـا ، فقد باع يوما أرضا بأربعين ألف دينار فرقها جميعا على أهله من بني زهرة وأمهات المسلمين وفقراءالمسلمين ،وقدم خمسمائة فرس لجيوش الإسلام ، ويوما آخر ألفا وخمسمائة راحلة .وعند موته أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله ، وأربعمائة دينار لكل من بقي ممنشهدوا بدرا حتى وصل للخليفة عثمان رضي الله عنه نصيبا من الوصية فأخذها وقال :( إن مال عبد الرحمن حلال صفو ، وإن الطعمة منه عافية وبركة ) وبلغ من جود عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قيل :أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله ، ثلث يقرضهم ، وثلث يقضي عنهم ديونهم ،وثلث يصلهم ويعطيهم ) وخلف بعده ذهب كثير ، ضرب بالفؤوس حتى مجلت منه أيدي الرجال . قافلة الإيمانفي أحد الأيام اقترب على المدينة ريح تهب قادمة اليها حسبها الناس عاصفة تثير الرمال ، لكن سرعان ما تبين أنها قافلة كبيرة موقَرة الأحمال تزحم المدينة وترجها رجا ، وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ( ما هذا الذي يحدث في المدينة ؟ )وأجيبت أنها قافلة لعبد الرحمن بن عوف أتت من الشام تحمل تجارة له فعجِبت أم المؤمنينرضي الله عنها :( قافلة تحدث كل هذه الرجة ؟ ) قالوا لها : أجل يا أم المؤمنين ، إنها سبعمائة راحلة . وهزت أم المؤمنين رضي الله عنها رأسها وتذكرت :( أما أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حَبْوا " ووصلت هذه الكلمات الى عبد الرحمنبن عوف ، فتذكر أنه سمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة ،فحث خطاه الى السيدة عائشة رضي الله عنها وقال لها :( لقد ذكرتني بحديث لم أنسه ) ثم قال : ( أما إني أشهدك أن هذه القافلة بأحمالها وأقتابها وأحْلاسِها في سبيل الله ) ووزعت حمولة سبعمائة راحلة على أهل المدينة وما حولها الخوفوثراء عبد الرحمن رضي الله عنه كان مصدر إزعاج له وخوف ، فقد جيء له يومابطعام الإفطار وكان صائما ، فلما وقعت عليه عيناه فقد شهيته وبكى ثم قال :( استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني فكـفن في بردة إن غطت رأسه بدت رجلاه ،وإن غطت رجلاه بدا رأسه ، واستشهد حمزة وهو خير مني ، فلم يوجد له ما يكـفـنفيه إلا بردة ، ثم بسـطَ لنا في الدنيا ما بُسـط ، وأعطينا منها ما أعطينا وإنيلأخشى أن نكون قد عجلـت لنا حسناتنا ) كما وضع الطعام أمامه يوما وهو جالس مع أصحابه فبكى ، وسألوه : ما يبكيك يا أبا محمد ؟قال : ( لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ، ما أرانا أخرنا لما هو خير لنا ) وخوفه هذا جعل الكبر لا يعرف له طريقا ، فقد قيل : أنه لو رآه غريب لا يعرفه وهوجالس مع خدمه ، ما استطاع أن يميزه من بينهم . الهروب من السلطةكان عبد الرحمن بن عوف من الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة لهم من بعده قائلا : ( لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض ) وأشار الجميع الى عبد الرحمن في أنه الأحق بالخلافة فقال : ( والله لأن تؤخذ مدية فتوضع في حلقي ، ثم ينفذ بها إلى الجانب الآخر ، أحب إلي من ذلك ) وفور اجتماع الستة لإختيار خليفة الفاروق تنازل عبد الرحمن بن عوف عن حقه الذيأعطاه إياه عمر ، وجعل الأمر بين الخمسة الباقين ، فاختاروه ليكون الحكم بينهم وقال له علي كرم الله وجهه :( لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفك بأنك أمين في أهل السماء ،وأمين في أهل الأرض ) فاختار عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ( عثمان بن عفان ) رضي الله عنه للخلافة ، ووافق الجميع على إختياره . وفاتهفي العام الثاني والثلاثين للهجرة جاد بأنفاسه رضي الله عنه وأرادت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن تخصه بشرف لم تخص به سواه ، فعرضت عليه أن يدفنفي حجرتها الى جوار الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، لكنه استحى أن يرفع نفسه الى هذا الجوار ، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبه وكان يتمتم وعيناه تفيضان بالدمع :( إني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال ) ولكن سرعان ما غشته السكينة واشرق وجهه وأرهفت أذناه للسمع كما لو كان هناك من يحادثه ، ولعله سمع ما وعده الرسول صلى الله عليه وسلم :" عبد الرحمن بن عوف في الجنة "============ سعد بن أبي وقاصقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"يا سعد : ارم فداك أبي و امي " نسبههو سعد بن مالك بن أهيب الزهري القرشي أبو اسحاق فهو من بني زهرة أهلآمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتز بهذه الخؤولة فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان جالسا مع نفر من أصحابه فرأى سعد بن أبي وقاص مقبلا فقال لمن معه :" هذا خالي فليرني أمرؤ خاله " اسلامهكان سعد قد رأى وهو ابن سبع عشرة سنة في منامه أنه يغرق في بحر الظلمات،وبينما هو يتخبط فيها، إذ رأى قمرًا، فاتبعه، وقد سبقه إلى هذا القمر ثلاثة، هم:زيد بن حارثة، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، ولما طلع الصباح سمع أنرسول الله يدعو إلى دين جديد ، فعلم أن هذا هو القمر الذي رآه ، فذهب على الفورليلحق بركب السابقين إلى الإسلام ، فكان سعد رضي الله عنه من النفر الذين دخلوا في الاسلام أول ما علموا به فلم يسبقه الا أبوبكر و علي وزيد و خديجة قال سعد :( بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا الى الاسلام مستخفيا فعلمت أن الله أراد بي خيرا وشاء أن يخرجني بسببه من الظلمات الى النور فمضيت اليه مسرعا حتىلقيته في شعب جياد وقد صلى العصر فأسلمت فما سبقني أحد الا أبي بكر وعلي وزيد رضي الله عنهم ) ثورة أمه يقول سعد رضي الله عنه : ( وما سمعت أمي بخبر اسلامي حتى ثارت ثائرتها وكنت فتى بارا بها محبا لها فأقبلت علي تقول :يا سعد ما هذا الدين الذي اعتنقته فصرفك عن دين أمك و أبيك ؟ والله لتدعن دينك الجديدأو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فيتفطر فؤادك حزنا علي ويأكلك الندم على فعلتك التي فعلت وتعيرك الناس أبد الدهر فقلت : ( لاتفعلي يا أماه فأنا لا أدع ديني لأي شيء )الا أن أمه اجتنبت الطعام ومكثت أياما على ذلك فهزل جسمها وخارت قواها فلما رأها سعد قال لها: ( يا أماه اني على شديد حبي لك لأشد حبا لله ولرسوله ووالله لو كان لكألف نفس فخرجت منك نفسا بعد نفس ما تركت ديني هذا بشيء ) فلما رأت الجد أذعنت للأمر وأكلت وشربت على كره منها . ونزل قوله تعالى :(( ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك الي المصيروأن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب الي ثم الي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون )) الدعوة المجابة كان سعد بن أبي وقاص إذا رمى عدوا أصابه وإذا دعا الله دعاء أجابه ، وكان الصحابةيردون ذلك لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم له :" اللهم سدد رميته ، وأجب دعوته "ويروى أنه رأى رجلا يسب طلحة وعليا والزبير فنهاه فلم ينته فقال له : ( إذن أدعو عليك )فقال الرجل : أراك تتهددني كأنك نبي !فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه قائلا : ( اللهم إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسنى ، وأنه قد أسخطك سبه إياهم ، فاجعله آية وعبرة )فلم يمض غير وقت قصير حتى خرجت من إحدى الدور ناقة نادة لا يردها شيء ، حتى دخلتفي زحام الناس ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها ، ومازالت تتخبطه حتى مات . أول دم هريق في الإسلامفي بداية الدعوة ، كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إذا صلوا ذهبوا في الشعابفاستخفوا بصلاتهم من قومهم ، فبينما سعد بن أبي وقاص في نفر من الصحابة في شعبمن شعاب مكة ، إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون ، فناكروهم وعابوا عليهمما يصنعون حتى قاتلوهم ، فضرب سعد رضي الله عنه يومئذ رجلا من المشركين بلحي بعير فشجه العظم الذي فيه الأسنان ، فكان أول دم هريق في الإسلام .أول سهم رمي في الإسلام بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم في سرية عبيدة بن الحارث رضي الله عنه الى ماء بالحجاز أسفل ثنية المرة فلقوا جمعا من قريش ولم يكن بينهم قتال ألا أن سعد قد رمىيومئذ بسهم فكان أول سهم رمي به في الاسلام غزوة أحد وشارك في أحد وتفرق الناس أول الأمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف سعد يجاهد ويقاتل فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم يرمي جعل يحرضه ويقول له : " يا سعد ارم فداك أبي وأمي " وظل سعد يفتخر بهذه الكلمة طوال حياته ويقول :( ما جمع الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد أبويه إلا لي ) وذلك حين فداه بهما إمرة الجيشعندما احتدم القتال مع الفرس ، أراد أمير المؤمنين عمر أن يقود الجيش بنفسه ، ولكنرأى الصحابة أن تولى هذه الإمارة لرجل آخر واقترح عبدالرحمن بن عوف : ( الأسد في براثنه ، سعد بن مالك الزهري ) وقد ولاه عمر رضي الله عنه امرة جيش المسلمين الذي حارب الفرس في القادسية وكتب الله النصر للمسلمين وقتلوا الكافرين وزعيمهم رستم وعبر مع المسلمين نهر دجلة حتى وصلوا المدائن وفتحوها ، وكان إعجازاعبور النهر بموسم فيضانه حتى أن سلمان الفارسي قد قال :( إن الإسلام جديد ، ذللت والله لهم البحار ، كما ذللت لهم البر ، والذي نفس سلمان بيدهليخرجن منه أفواجا ، كما دخلوه أفواجا ) وبالفعل أمن القائد الفذ سعد مكان وصول الجيش بالضفة الأخرى بكتيبة الأهوال وكتيبةالخرساء ، ثم اقتحم النهر بجيشه ولم يخسر جنديا واحدا في مشهد رائع ، ونجاح باهرودخل سعد بن أبي وقاص ايوان كسرى وصلى فيه ثماني ركعات صلاة الفتح شكرا لله على نصرهم . إمارة العراقولاه عمر رضي الله عنهما إمارة العراق ، فراح سعد يبني ويعمر في الكوفة ، وذات يوماشتكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين فقالوا : إن سعدا لا يحسن يصلي ويضحك سعدا قائلا : ( والله إني لأصلي بهم صلاة رسول الله ، أطيل في الركعتين الأوليين وأقصر في الآخرين ) واستدعاه عمر الى المدينة فلبى مسرعا ، وحين أراد أن يعيده الى الكوفة ضحك سعداقائلا : ( أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة ) ويؤثر البقاء في المدينة الستة أصحاب الشورىو عندما حضرت عمر رضي الله عنه الوفاة بعد أن طعنه المجوسي جعل الأمر من بعده الىالستة الذين مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض و أحدهم سعد بن أبي وقاص ،وقال عمر : ( إن وليها سعد فذاك ، وإن وليها غيره فليستعن بسعد ) سعد والفتنةاعتزل سعد الفتنة وأمر أهله وأولاده ألا ينقلوا له أخبارها ، وذات يوم ذهب إليه ابن أخيههاشم بن عتبة بن أبي وقاص ويقول له : يا عم ، ها هنا مائة ألف سيف يرونك أحق الناسبهذا الأمر ، فيجيبه سعد رضي الله عنه : ( أريد من مائة ألف سيف ، سيفا واحدا ، إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا ، وإذا ضربت بهالكافر قطع )فتركه ابن أخيه بسلام وحين انتهى الأمر لمعاوية سأل سعدا : مالك لم تقاتل معنا ؟فأجابه : ( إني مررت بريح مظلمة فقلت : أخ أخ وأنخت راحلتي حتى انجلت عني )فقال معاوية : ليس في كتاب الله أخ أخ ولكن قال الله تعالى :(( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ، فأصلحوا بينهما ، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ))وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة ، ولا مع العادلة مع الباغية فأجاب سعد رضي الله عنه قائلا :( ما كنت لأقاتل رجلا يعني علي بن أبي طالب قال له الرسول : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) وفاته وعمر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كثيرا وأفاء الله عليه من المال الخير الكثير لكنهحين أدركته الوفاة دعا بجبة من صوف بالية وقال : ( كفنوني بها فاني لقيت بها المشركين يوم بدرواني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضا )وكان رأسه بحجر ابنه الباكي فقال له :( ما يبكيك يا بني ؟ إن الله لا يعذبني أبدا ، وإني من أهل الجنة ) فقد كان إيمانه بصدق بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم كبيرا وكانت وفاته سنة خمس وخمسين بالعقيق، فحمل على الأعناق إلى المدينة، ودفن بها ليكون آخر من ماتمن العشرة المبشرين بالجنة وآخر من مات من المهاجرين رضي الله عنهم ودفن في البقيع . ============ سعيد بن زيد عمرو نسبههو سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل العدوي القرشي أبو الأعور ، من خيار الصحابةوابن عم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزوج أخته ، ولد بمكة عام ( 22 قبل الهجرة ) وهاجر الى المدينـة ، شهد المشاهد كلها إلا بدرا لقيامه مع طلحة بتجسس خبر العير ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، كان من السابقين الى الإسلام هو و زوجتهأم جميل فاطمة بنت الخطـاب رضي الله عنها والدهوأبوه رضي الله عنه ( زيـد بن عمرو ) اعتزل الجاهليـة وحالاتها ووحـد اللـه تعالى بغيـر واسطـة حنيفيـا ، وقد سأل سعيـد بن زيـد الرسول صلى الله عليه وسلم فقال :( يا رسـول الله ، إن أبـي زيـد بن عمرو بن نفيل كان كما رأيت وكما بلغك ،ولو أدركك آمن بـك ، فاستغفر له ؟ )قال صلى الله عليه وسلم : " نعم " واستغفر له وقال : " إنه يجيءَ يوم القيامة أمة وحدهُ " المبشرين بالجنةروي عن سعيد بن زيد رضي الله عنه أنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" عشرة من قريش في الجنة ، أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وطلحة ، والزبير ،وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن مالك ( بن أبي وقاص ) " ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل ، و أبو عبيدة بن الجراح " رضي الله عنهم أجمعين الدعوة المجابة كان رضي الله عنه مجاب الدعوة ، وقصته مشهورة مع أروى بنت أوس ، فقد شكته الى مروان بن الحكم ، وادَّعت عليه أنّه غصب شيئاً من دارها ، فقال :( اللهم إن كانت كاذبة فاعْمِ بصرها ، واقتلها في دارها ) فعميت ثم تردّت في بئر دارها ، فكانت منيتها الولايةكان سعيد بن زيد رضي الله عنه موصوفا بالزهد محترما عند الولاة ، ولما فتح أبو عبيدة بن الجراح دمشق ولاه إياها ، ثم نهض مع من معه للجهاد ، فكتب إليه سعيد رضي الله عنه : ( أما بعد ، فإني ما كنت لأُوثرك وأصحابك بالجهاد على نفسي وعلى ما يدنيني من مرضاة ربي ، وإذا جاءك كتابي فابعث إلى عملك من هو أرغب إليه مني ، فإني قادم عليك وشيكا إن شاء الله والسلام ) وفاته توفي بالمدينة سنة ( 51 هـ ) ودخل قبره سعد بن أبي الوقاص وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين . ============ أبوعبيدة بن الجراح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لكل أمة أمينا وأميننا أيتها الأمة أبوعبيدة عامر الجراح " نسبهأبوعبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح الفهري يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أجداده (فهر بن مالك) وأمه من بنات عم أبيه أسلمت وقتل أبوه كافرا يوم بدر .كان رضي الله عنه طويل القامة ، نحيف الجسم ، خفيف اللحية أسلم على يدأبي بكر الصديق رضي الله عنه في الأيام الأولى للاسلام ، وهاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية ثم عاد ليشهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها. غزوة بدرفي غزوة بدر جعل أبو ( أبو عبيدة ) رضي الله عنه يتصدى له، فجعل أبو عبيدة يحيد عنه ، فلما أكثر قصده فقتله ، فأنزل الله هذه الآية :(( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليومِ الآخر يوادون مَنْ حادَّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الأيمان ))غزوة أحد يقول أبوبكر الصديق رضي الله عنه :( لما كان يوم أحد ، ورمي الرسول صلى الله عليه وسلم حتى دخلت في وجنتهحلقتان من المغفر ، أقبلت أسعى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانسانقد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا ، فقلت : اللهم اجعله طاعة ، حتى اذا توافينا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا هو أبوعبيدة بن الجراح قد سبقني ، فقال : ( أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعها من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فتركته ، فأخذ أبوعبيدة بثنيته احدى حلقتي المغفر ، فنزعها وسقط علىالأرض وسقطت ثنيته معه ، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى فسقطت ، فكان أبوعبيدة في الناس أثرم . غزوة الخبطأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أباعبيدة بن الجراح أميرا على ثلاثمائة وبضعةعشرة مقاتلا ، وليس معهم من الزاد سوى جراب تمر ، والسفر بعيد ، فاستقبلأبوعبيدة واجبه بغبطة وتفاني ، وراح يقطع الأرض مع جنوده وزاد كل واحد منهم حفنة تمر ، وعندما قل التمر أصبح زادهم تمرة واحدة في اليوم ، وعندما فرغ التمرراحوا يتصيدون ( الخبط ) أي ورق الشجر فيسحقونه ويسفونه ويشربون عليه الماء ، غير مبالين الا بانجاز المهمة ، لهذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط . مكانة .. أمين الأمةقدم أهل نجران على النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه ان يرسل اليهم واحدافقال عليه الصلاة والسلام : " لأبعثن - يعني عليكم - أمينا حق امين ) فتشوف أصحابه رضوان الله عليهم يريدون أن يبعثوا لا لأنهم يحبون الامارة أو يطمعون فيها ولكنلينطبق عليهم وصف النبي صلى الله عليه و سلم " أمينا حق امين " وكان عمر نفسهرضي الله عليه من الذين حرصوا على الامارة لهذا آنذاك بل صار - كما قال يتراءى - أي يري نفسه للنبي صلى الله عليه وسلم حرصا منه رضي الله عنه أن يكون أمينا حق أمين.ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تجاوز جميع الصحابة وقال : " قم يا أباعبيدة "كما كان لأبي عبيدة رضي الله عنه مكانة عالية عند عمر فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يجود بأنفاسه :( لو كان أبوعبيدة بن الجراح حيا لاستخلفته فان سألني ربي عنه ، قلت : استخلفت أمين الله ، وأمين رسوله ) معركة اليرموكفي أثناء قيادة خالد رضي الله عنه معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق رضي الله عنه ، وتولى الخلافة بعده عمر رضي الله عنه ، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد وصل الخطاب الى أبي عبيدة رضي الله عنه فأخفاه حتى انتهت المعركة ،ثم أخبر خالدا بالأمر ، فسأله خالد رضي الله عنه: ( يرحمك الله أباعبيدة ، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب ؟ )فأجاب أبوعبيدة رضي الله عنه : ( اني كرهت أن أكسر عليك حربك ، وما سلطان الدنيا نريد ، ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله أخوة )وأصبح أبوعبيدة رضي الله عنه أمير الأمراء بالشام . تواضعهترامى الى سمعه أحاديث الناس في الشام عنه ، وانبهارهم بأمير الأمراء ، فجمعهم وخطب فيهم قائلا :( يا أيها الناس ، اني مسلم من قريش ، وما منكم من أحد أحمر ولا أسود ، يفضلنيبتقوى الا وددت أني في اهابه )وعندما زار أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه الشام سأل عن أخيه ، فقالوا له : من ؟قال رضي الله عنه : ( أبوعبيدة بن الجراح ) وأتى أبوعبيدة رضي الله عنه وعانقه أمير المؤمنين رضي الله عنه ثم صحبه الىداره ، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا ، الا سيفه وترسه ورحله ، فسأله عمر وهو يبتسم :( ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس ؟ )فأجاب أبوعبيدة رضي الله عنه :( يا أمير المؤمنين ، هذا يبلغني المقيل ) طاعون عمواس حل الطاعون بعمواس وسمي فيما بعد " طاعون عمواس " وكان أبوعبيدة رضي الله عنه أمير الجند هناك فخشي عليه عمر رضي الله عنه من الطاعون فكتب اليهيريد أن يخلصه منه قائلا :( اذا وصلك خطابي في المساء فقد عزمت عليك ألا تصبح الامتوجها الي واذا وصلك في الصباح ألا تمسي الا متوجها الي فان لي حاجة اليك ) وفهم أبوعبيدة رضي الله عنه المؤمن الذكي قصد عمر وانه يريد أن ينقذه من الطاعون فكتب الى عمر رضي الله عنه متأدبا معتذرا عن عدم الحضور اليه وقال :( لقد وصلني خطابك يا أمير المؤمنين وعرفت قصدك وانما أنا في جند منالمسلمين يصيبني ما أصابهم فحللني من عزمتك يا أمير المؤمنين ) ولما وصل الخطاب الى عمررضي الله عنه بكى فسأله من حوله : هل مات أبوعبيدة ؟فقال رضي الله عنه : ( كأن قد ) والمعنى أنه اذا لم يكن قد مات بعد والا فهو صائر الى الموت لا محالة ، اذ لا خلاص منه مع الطاعون .كان أبو عبيـدة رضي الله عنه في ستة وثلاثيـن ألفاً من الجند ، فلم يبق إلا ستـة آلاف رجـل والآخرون ماتوا ومات أبوعبيـدة رضي الله عنه سنة ( 18 ) ثماني عشرة للهجرة في طاعون عمواس وقبره في غور الأردنرحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى . الصفحة الرئيسية فضل الصحابة رضي الله عنهم أبو بكر الصديق عمر بن الخطاب عثمان بن عفان علي بن أبي طالب العشرة المبشرين بالجنة مصعب بن عمير جعفر بن أبي طالب بلال بن رباح خباب بن الارت حمزه بن عبدالمطلب الأرقم بن أبي الأرقم زيد بن حارثة عمار بن ياسر خالد بن سعيد المقداد بن عمرو عبدالله بن مسعود سالم بن معقل عبد الله ابـن أم مكتـوم مراجع الكتاب
وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعلموا الفرائض فإنها من دينكم ، وهي أول ما ينسى رواه ابن ماجه ولفظه تعلموا الفرض وعلموه فإنه نصف العلم ، وهو ينسى ، وهو أول شئ ينزع من أمتي . وعن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعلموا الفرائض وعلموها الناس ، فإني امرؤ مقبوض ، وإن العلم سيقبض حتى يختلف الرجلان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما وقال عمر رضي الله عنه : إذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض ، وإذا لهوتم فالهوا بالرمي . والأصل في الفرائض ثلاث آيات في سورة النساء يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين 'سورة النساء : الآية 11' والآية التي في آخرها (ومعناها قسمة المواريث . والوارث ثلاثة أقسام : ذو فرض، وعصبة، وذو رحم . فذو الفرض عشرة : الزوجان ، والأبوان ، والجد ، والجدة ، والبنات ، وبنات الابن ، والأخوات ، والإخوة من الأم. فللزوج النصف إذا لم يكن للميتة ولد ، فإن كان لها ولد) أو ولد ابن (فله الربع ، ولها الربع واحدة كانت أو أربعاً إذا لم يكن له ولد) أو ولد ابن ، (فإن كان له معه ولد فلهن الثمن) الواحدة والأربع سواء بإجماع من أهل العلم . والأصل فيه قوله سبحانه : ولكم نصف ما ترك أزواجكم 'سورة النساء : الآية 12' - إلى قوله - من بعد وصية توصون بها أو دين 'سورة النساء: الآية 12' وإنما جعل للجماعة مثل ما للواحدة لأنه لو جعل لكل واحدة الربع وهن أربع لأخذن جميع المال وزاد فرضهن على فرضي الزوج .
باب أحكام المياه 1ـ مسألة : (خلق الماء طهوراً ، يطهر من الأحداث والنجاسات) ، لقوله سبحانه : وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به 'سورة الأنفال ، الآية :11'. وقال صلى الله عليه وسلم : اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد . متفق عليه ، والطهور : هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره ، وهو الذي نزل من السماء أو نبع من الأرض وبقي على أصل خلقته ، فهذا يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس للآية . 2ـ مسألة : (ولا تحصل الطهارة بمائع غيره) أما طهارة الحدث فلقوله سبحانه وتعالى : فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً 'سورة النساء، الآية : 43 '، نقلنا سبحانه وتعالى عند عدم الماء إلى التراب ، فلو كان ثم مائع يجوز الوضوء به لنقلنا إليه ، فلما نقلنا عنه إلى التراب دل على أنه لا تصح الطهارة للحدث إلا به ، وأما الطهارة من النجاسات فلا تجوز إلا بالماء لقوله صلى الله عليه وسلم لأسماء في دم الحيضة : حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء . أمر، والأمر يقتضي الوجوب ، وخص الماء بالذكر فيدل على أنه لا يجوز بمائع غيره ، ولأنها طهارة فلا تجوز بغير الماء كطهارة الحدث . 3ـ مسألة : (فإذا بلغ الماء قلتين أو كان جارياً لم ينجسه شئ) . أما إذا بلغ قلتين لم ينجسه شئ فلقوله صلى الله عليه وسلم : إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شئ . أخرجه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن ، ولفظه : لم يحمل الخبث، وأخرجه الإمام أحمد في المسند ، وأما إذا كان جارياً فلا ينجسه شئ وإن قل ، لقوله عليه السلام لما سئل عن بئر بضاعة وما يلقى فيها من الحيض ولحوم الكلاب والنتن : إن الماء طهور لا ينجسه شئ . قال أحمد رحمه الله : حديث بئر بضاعة صحيح ، وهو عام في القليل والكثير ، فإن قيل يعارضه حديث القلتين قلنا عنه ثلاثة أجوبة : أحدهما : أن حديث بئر بضاعة أصح فلا يعارضه ، ولأن حديث القلتين ضعيف من حيث الاستدلال به فإن القلال تختلف ، وتقديرهما بخمس قرب من أين ذلك ؟ وتقدير القربة بمائة رطل يحتاج إلى دليل ، فإن التقدير إنما يصار إليه بالنص ولا نص ، وحديث ابن جريج غير مقبول . الثاني : أن دلالته على تنجيس اليسير إنما هو بالمفهوم ، وحديث بئر بضاعة يدل على طهارته بالمنطوق فكان مقدماً . الثالث : أن حديث القلتين محمول على الماء الواقف ، فإنا قد أجمعنا على أن ما قبل النجاسة في الماء الجاري لا يتنجس ، لأنه لم يصل إليها وما بعدها كذلك لأنها لن تصل إليه بخلاف الواقف ، فإن قيل حديث بئر بضاعة دخله التخصيص بالقليل الواقف فإنا قد أجمعنا على أن ينجس بوقوع النجاسة فيه وإن لم يتغير فنقيس عليه القليل الجاري ، قلنا : لا يصح ذلك ، وبيانه من وجهين : أحدهما : أن الجاري له قوة ليست للواقض ، فإنه يدفع التغير عن نفسه ، لأنه يدفع بعضه بعضاً وليس كذلك الواقف والثاني : أن الجاري لو ورد على النجاسة طهرها فكذا إذا وردت عليه قياساً لأحد الواردين على الآخر ، وليس هذا للواقف فإن صب الواقف على النجاسة صار جارياً ، والله تعالى أعلم وأحكم . 4ـ مسألة : (إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه) . يعني أن الماء إذا تغيرت إحدى صفاته بالنجاسة ينجس على كل حال قلتين أو أكثر أو أقل وهذا أمر مجمع عليه ، قال الإمام أحمد رضي الله عنه : ليس فيه حديث ، ولكن الله سبحانه حرم الميتة فإذا تغير بها فكذلك طعم الميتة وريحها فلا يحل له ، وقول أحمد : ليس فيه حديث. يعني ليس فيه حديث صحيح . 5ـ مسألة : (وما سوى ذلك ينجس بمخالطة النجاسة) : يعني أن ما دون القلتين يتنجس بمخالطة النجاسة وإن لم يتغير ، لأن تحديده بالقلتين يدل على أن ما دونهما يتنجس ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات . متفق عليه فدل على نجاسته من غير تغير ، وفي رواية : طهور إناء أحدكم . وعنه أنه طاهر لقوله عليه السلام : إن الماء طهور لا ينجسه شئ . قال أحمد : حديث بئر بضاعة صحيح ، ولأنه لم يتغير بالنجاسة أشبه الكثير . 6ـ مسألة : (والقلتان ما قارب مائة وثمانية أرطال بالدمشقي ) سميت قلة لأنها تقل بالأيدي وهما خمسمائة رطل بالعراقي . وعنه أربعمائة رطل لأنه يروى عن ابن جريج أنه قال : رأيت قلال هجر فرأيت القلة منها تسع قربتين أو قربتين وشيئاً فالاحتياط أن يجعل الشئ نصفاً فيكونان خمس قرب كل قربة مائة رطل وهو تقريب لا تحديد في الأصح ، لأن القربة إنما جعلت مائة رطل تقريباً ، والشئ إنما جعل نصفاً احتياطاً فإنه يستعمل بما دون النصف وهذا لا تحديد فيه . وفيه قول آخر أنه تحديد لأن ما وجب بالاحتياط صار فرضاً كغسل جزء من الرأس . وفائدة هذا إذا نقص الرطل أو الرطلان إذا قلنا أنه تقريب لا ينجس الماء ، وإن قلنا إنه تحديد نجس . 7ـ مسألة : (وإن طبخ في الماء ما ليس بطهور) سلب طهوريته إجماعا (وكذلك ما خالطه فغلب على اسمه) فصار حبراً أو صبغاً (أو استعمل في رفع حدث سلب طهوريته) أيضاً ، لأنه زال عنه إطلاق اسم الماء أشبه ما لو تغير بزعفران، وعنه لا يسلب طهوريته لأنه استعمال لم يغير الماء أشبه ما لو تبرد به . 8ـ مسألة : (وإذا شك في طهارة الماء أو غيره ونجاسته بني على اليقين) لأنه الأصل . 9ـ مسألة : (وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما يتيقن به غسلها) يعني يغسل حتى يتيقن أن الغسل قد أتى على النجاسة ، كمن تنجست إحدى كميه لا يعلم أيهما غسل الكمين ، أو تيقن أن الثوب قد وقعت عليه نجاسة لا يعلم موضعها غسل جميع الثوب لتحصل الطهارة بيقين . 10ـ مسألة : (وإن اشتبه ماء طاهر بنجس ولم يجد غيرهما تيمم وتركهما) . 11ـ مسألة : (وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ من كل واحد منهما) وصلى صلاة واحدة لأنه إذا فعل ذلك حصلت له الطهارة بيقين . 12ـ مسألة : (وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة صلى في كل ثوب صلاة بعدد النجس وزاد صلاة) لأنه أمكنه تأدية فرضه بيقين من غير مشقة تلزمه كما لو اشتبه المطلق بالمستعمل . 13ـ مسألة : (وتغسل نجاسة الكلب والخنزير سبعاً إحداهن بالتراب ) لقوله عليه السلام : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهن بالتراب . متفق عليه ، فنقيس عليه نجاسة الخنزير . 14ـ مسألة : (ويجزئ في سائر النجاسات ثلاث منقية) لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قام أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً ، فإنه لا يدري أين باتت يده . علل بوهم النجاسة ، ولا يزيل وهم النجاسة إلا ما يزيل حقيقتها. وقال عليه السلام : إنما يجزئ أحدكم إذا ذهب إلى الغائط ثلاثة أحجار منقية . فإذا أجزأت ثلاثة أحجار في الاستجمار فالماء أولى ، لأنه أبلغ في الإنقاء ، وعنه سبع مرات في غير نجاسة الكلب والخنزير قياساً عليها ، وعنه مرة قياساً على النجاسة على الأرض . 15ـ مسألة : (وإن كانت النجاسة على الأرض فصبة واحدة تذهب بعينها لقوله صلى الله عليه وسلم : صبوا على بول الأعرابي ذنوباً من ماء. وفي رواية :سجلاً من ماء . . 16ـ مسألة : (ويجزىء في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النضح ) وهو أن يغمره بالماء وإن لم يزل عينه ، لما روت أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره فبال على ثوبه ، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله . متفق عليه . 17ـ مسألة : (وكذلك المذي) ، وفي كيفية تطهيره روايتان : إحداهما يجزئ نضحه لما روى سهل بن حنيف قال : كنت ألقى من المذي شدة وعناء فقلت : يا رسول الله ، فكيف بما أصاب ثوبي منه ؟ قال : يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصاب منه . قال الترمذي : حديث صحيح والثانية يجب غسله لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذكر منه ، ولأنه نجاسة من كبير أشبه البول ، وعنه أنه كالمني لأنه خارج بسبب الشهوة أشبه المني ، ويعفى عن يسيره لأنه يشق التحرز منه لكونه يخرج من غير اختيار . 18ـ مسألة : (ويعفى عن يسير الدم) في غير المائعات (وما تولد منه من القيح والصديد) لأنه لا يمكن التحرز منه ، فإن الغالب أن الإنسان لا يخلو من حكة أو بثرة . وروي عن جماعة من الصحابة الصلاة مع الدم ولم يعرف لهم مخالف ، (وحد اليسير هو ما لا يفحش في النفس) ، لقول ابن عباس : قال الخلال : الذي استقر عليه قوله : إن الفاحش ما يستفحشه كل إنسان في نفسه . 19ـ مسألة : (ومني الآدمي) طاهر ، لأن عائشة رضي الله عنها كانت تفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه ، ولأنه بدء خلق الآدمي أشبه الطين ، وعنه أنه نجس ويعفى عن يسيره كالدم ، لأن عائشة رضي الله عنها كانت تغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ، وعنه لا يعفى عن يسيره لأنه يمكن التحرز منه . 20ـ مسألة : (وبول ما يؤكل لحمه طاهر) لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين أن يشربوا من أبوال إبل الصدقة وألبانها ولو كان نجساً ما أمرهم به . متفق عليه ، وقال عليه السلام : صلوا في مرابض الغنم . ولا تخلو من أبعارها ، ولم يكن لهم مصليات ، فدل على طهارته . قال الترمذي : حديث حسن . فإن قيل : إنما أذن في شرب أبوال الإبل للتداوي . قلنا : لا يصح ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء . ورواه أحمد في كتاب الأشربة . وفي لفظ رواه ابن أبي الدنيا في ذم المسكر : إن الله لم يجعل في حرام شفاء . وعنه أنه نجس ، لأنه رجيع من حيوان أشبه بول ما لا يؤكل لحمه ، وحكم الروث والمني حكم البول قياساً عليه